Saturday, September 1, 2007

لمحة حياة


حينما يحيا المرء في تلك الدنيا تتنازعه عدة قوي متصارعه وهو واقع تحت قوي الجذب دائما قوي تشده وقوي ترفعه وعند ضعفه قوي تهبط به نحو القاع الي السفح
والله الخالق العظيم هيئ الانسان للسير في كل الاتجاهات وامده بكل القوي التي تؤهله لولوج كل الطرق وعلي الانسان ان يختار وبيده ان يختار اما ان يحلق في سماء الحياة في رحاب النور والرضى ويسبح في ضياء ندي لطيف فتخف روحه وتصفي وترق حتي تصير كطائر مل الحياة علي الارض فصار يجوب الفضاء ويطوف بكل محطات النور والجمال
واما ان يهبط ويمنح الفرصة لقوي الطين ويزيد من مساحة ذلة امام الشياطين فيقوده هابطا في عنف الي قاع الشعور والاحساس فيطفيء النور ويخبو الضياء وتغدو الحياة مستنقعا اسنا ما يحاول ان يغادره حتي يرد فيه بقسوة تشده حبال الشيطان
ان الانسان بيده ان يستشرف عالم وضيء نقي تسبح فيه مشاعر من نور واحاسيس من ضياء وبيده ان ينتكس ويرتكس في هاوية الشيطان يستحي مشاعره وادميته ويجره خلفه الي كل مواطن الفتن والهلاك منذ بدأت عداوة ابليس للانسان وهو يفكر ويدبر وينتهز السانح من الفرص لاقتناص الانسان والنيل منه ويتسلل ابليس حتي يمكن له داخل انسان اولا الي قلبه يفسد كل ما هو راقي وكل ما سما ويسمو ويعكس الاتجاه فيهبط الصاروخ في البحر بدلا من التحليق في الفضاء وعندئذ عندما تأسن المشاعر وتتبدل الاذواق فيغدو المالح كالشهد والحلو كالعلقم لحظتها يبدأ ابليس في المرحلة التالية فيسخر العقل لخدمة رغباته واهوائه ونذواته وامراضه الجديدة ويجعله سلاحا يجابه به المجتمع الانساني والعقل في انسياقه يرفض اي نصح او ارشاد
انت انسان بيدك ان تكثر من القوي التي تشدك لاعلي حيث النور والجمال او ان تهمل نفسك فلا تتعهدها بالرعاية فحتي لو لم تسعي للدون فثق انك ستهبط حتما ان لم يكن من ابليس المتربص فمن نفسك
ان مقدار الحياة فينا هو مقدار النور الذي ينفذ من زجاج المصباح والامر يتوقف علي جذوة الحياة وشفافية الزجاج
هل اهتممت بروحك حتي –علي الاقل- تعبر الحد الادني الذي قبله لا يصبح الانسان انسانا
والناس علي قسمين اما روح متأججة نشطة يحيط بها جسد رقيق تقل به كثافة الطين واما كهالة من ضوء تخنقها الظلمة وتوجد بين الواح من طين معتمة فلا هو انتفع بنوره ولا نوره ارشد احد
وبقية الناس بين هذين الصنفين
وليس معني ان يرق ويسمو الانسان ان يغدر انسانيته لا فانما يصل لارقي ما في الانسانية وهو لم يزل انسان ييأكل ويشرب ويتزوج ويمرح
ولكي نفهم اثر ذلك المعني ونستشرفه في وجداننا فلنقرأ هذه الاية في ضوء ما قد سبق يقول الله تعالي "أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"
أرأيتم أن اهمال الروح لا يسلب الانسان انسانيته فحسب بل يسلب منه معني الحياة ويغدو من الاموات وعليه ان يختار اما ان يحي واما ان يظل ميتا بلا نور ولاحياة
والمثير في قوله تعالي " يمشي به في الناس" ليس بينهم او وسطهم انما فيهم يتخللهم ويخترقهم ينفذ من بين عقولهم وافكارهم وحنايا نفوسهم
انما الؤمن الحي الذي معه نور من الله انما صار كطاقة من نور صافية تنتقل في اجواز الحياة وارجاء النفوس وهذا هو معني الحياة هو النور النقي هو الصفاء والسمو هو ان تصبح كالملاك وانت انسان كما انت وهذه معجزة الله وصنعته ولذا كرمه علي الملائكة وجعلهم يسجدون له
ونكرر ايضا ان بيدك ان تختار اما حياة واما ممات واما الي جنة واما الي نار
ياه كم من اموات يعيش بيننا وهم مساكين ..حزين انا عليهم.. يحتاجون من يشعل جذوة ارواحهم الدفينة تحت اطنان من الركام والرماد
ان الذي قدر له ان يحرق في جنهم –والعياذ بالله- لن تكون اول نار يعاينها او يحرق بها انما عذب وتلظي في نار غربيه عن نفسه وعن انسانيته وعن الحياة نعم يعاني غربة الموت بين الاحياء وغربة البعد عن الله وكلا منها نار تلتهم كيانة في صمت وهدوء والعجيب ان انينه لا يخرج كأهات وأنات وانما ضحكات ومزاح ومرح لا ينتهي وكاينه في الداخل يتهالك ويتهاوي فوق بعضه وهو يضحك ويشرب الخمر ويرقص وهو يحترق وسعير ينهش احشاؤه ان الله لا يظلم العبد حين يدخله انما هو رضاها واستحلاها في الدنيا لم يجد ضير في ان يحيا في نار الحقد ونار الغيره ونار المعاصي والذنوب ونار البعد عن الله كلها نار يعيش فيها فالذي يحدث ان تجمع هذه النار في الاخرة لتكون موطنه الذي اعتاد عليه الا اذا اراد الخروج واراد ان يطفيء الجحيم المستعر داخله وحوله واراد ان يحيا في واحة الايمان الورافه وفي ظل عقيدة سليمة تهبه الحياة والراحة والهدوء والنور

5 comments:

عصفور المدينة said...

جزاك الله خيرا

ونقطة هامة جدا أشرت إليها وكل الموضوع هام

وهي زيادة مساحة ذله أمام الشياطين

إن الإنسان كلما عصى كلما فقد ثقته بنفسه واعتقاده بكلاءة الله له وهذا يؤهله لمزيد من الضعف والخنوع للشيطان
والذين اهتدوا زادهم هدى ولآتاهم تقواهم

وكما قيل

من يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميت إيلام

عصفور المدينة said...

أخي أرسلت لك إيميل

محمود قطب said...

بجد بجد جزاك الله خيرا
وكان لازم تسمي التدوينة الحياة
مش لمحة حياة

Anonymous said...

جزاك الله خيرا أخي

تدوينة جميلة

اسلام ابوغزاله - مدونة ليه بس ؟ said...

اولا انت شكلك في كلية علوم او خريج كلية علوم او لك علاقة بالعلوم ,,,
وعلى العموم جزاك الله خيرا يا اخي ,,,, ربنا يكرمك