Wednesday, July 29, 2009

يااااه يا شيخ طلبة

في هذه المرة قابلت الشيخ طلبة وكان الشوق يملؤني ويكاد ان يتدلدق كفنجان قهوة سايح حتي اخره ..لا اذكر كيف تم اللقاء ولكني اذكر اني ارتميت في حضنه فور رؤيتي له وقبلت يده العجوز وان كنت لاحظت ان هناك شيء ما مختلف قد يكون في طريقة استقباله لي ..رغم كبره الا انه كان يهش ويبش في وجهي بل ويخف ايضا ،فقلت في نفسي قد يكون مريضا او مزاجه مش مظبوط
وقلت له بكل مشاعر الحب الطافحه داخلي : ازيك ياشيخ طلبة عامل ايه واحشني كتير بجد كالزواج او اشد قليلا
لم يضحك اليوم كعاداته ولكنه قال بابتسامه خفيفة : الحمد لله يابني انا بخير ، انت اخبارك ايه
فعلا شعرت بالقلق : ايه يا شيخ طلبة مالك ،فيه ايه ؟؟
رد علي وقال : لا شيء ، عادي
قلت : يعني لم تشتمني او حتي تضربني بالمنشة خيرا يا شيخ طلبة ، اخيرا ادركت اني شاب مهذب استحق التقدير
لم ينفعل مع دعاباتي ولكنه قال وقد شعرت ان عمره تضاعف وان ذلك البريق اللامع في عينيه لم يعد موجود : السن يابني ، يلا خلاص مبقاش كتير في العمر
استغربت جدا من طريقة كلام الشيخ طلبة عمرها ما كانت هكذا وانتابني شعور بالخوف فعلا قد يكون كبر واوشكت نهاية ولكنه علي كل حال كان عجوزا بما يكفي من زمن طويل وكان كأي عجوز بما يكفي ينتظر هذه اللحظة دائما ، ماذا جد وماذا اختلف
ولكني اثرت ان ابعد هذه الخواطر السوداء عن ذهني وقلت اسأله عن مصر ..مصر التي وحشتني فعلا ولم اشعر باشتياقي لها الا وانا في الغربة ..ايوة فعلا اكتشفت ان مصر دي عامله زي امي بالظبط بحبها مش علشان هي احلي ام او اشيك ام او اروع ام او اكتر ام مثقفة بل علشان هي امي وبس
اخبار مصر ايه يا شيخ طلبة
قال لي في لهجة حزينة: مصر مش بخير ابدا يابني
بهت من الجواب فعلا : ايه ؟ ليه يا شيخ طلبة فيه ايه ؟؟
قال : خلاص يابني مبقاش فيه فايدة
رددت كلامه في وانا مصدوم : مبقاش فيه فايدة ؟؟؟؟؟ازاي يا شيخ طلبة ؟؟؟؟؟
قال : مصر وصلت لمرحلة من السوء لم تصل لها من قبل ولدرجة يستحيل معها العلاج، انظر حولك هتلاقي اللي ماسكين البلد ما يهمهم الا انفسهم ، يبقي كل خيرات بلدك بتستغل لصالحهم الشخصي ، ممكن يبيع الغاز لاسرائيل علشان مصلحه بالنسبة ليه لكن مين قال ان ده في صالح البلد
ممكن يدخل في اتفاقيات كتيره مش في صالح مصر لمجرد انها سبوبه ومصلحه ليه وشعارهم يا عزيزي كلنا لصوص
لما تكون عندك عربية ملكك وشغلت عليها سواق ، بس السواق ده معندوش ذمة ولا ضمير وحرامي ونصاب تتوقع هيعمل ايه فيها ، فكر كده واسرح بخيالك ، واللي هتوصله هو ده بالظبط اللي بيحصل في بلدك،
قلت وانا اكاد ابكي : طيب ايه الجديد يا شيخ طلبة ماحنا عارفين ، ايه اللي خلاها مفيش فايدة ؟؟؟
تنهد وقال : العربية استحملت كتير وجه عليها وقت وهتوقف يابني ، الناس دي كانت بتعتمد علي رصيد كبير في بلدك ، لان بلدك فيها خير كتير قوي لكن خلاص مبقاش فيه ، الناس كترت والتحديات للحكومة كترت وده فضح العجز الرهيب والنصب اللي بيحصل ، يعني كانت العربية ماشية ببركه ربنا مش بشطارة السواق النصاب ، لكن خلاص كل شيء له نهاية
شوف يابني الامراض اللي دخلت مصر انفلونزا طيور وخنازير وطاعون واخيرا تيفود ، تخيل مصر في عام 2009 ينتشر في التيفود
شوف يابني قمة التأخر الحضاري اللي مصر وصلت له اللي نتج عنه صارعات طائفية ملهاش اي اساس من الدين
شوف يابني الناس اللي بتاخد جواير من الدولة علي هبل فكري ليس له معني او اساس علمي
شوف يابني الناس اللي بتتظلم محدش بياخد حقها
شوف
لم استطع ان امنع نفسي : بس بس كفااااااااية ، كفاية يا شيخ طلبة ارجوك
قال : ولسه فيه كتير
قلت : لا يا شيخ طلبة مين قال انه مفيش امل
قال : خلاص انتهي زمن الاحلام يوم القيامة قرب ، الزم بيتك يابني ومتشتغلش نفسك بالعالم
قلت وانا في قمة الدهشة المصدومه :لا يا شيخ طلبة مش معقول يكون ده كلامك ، لا فيه حاجه غلط ، اكيد انت بتهزر ، ازاي يا شيخ طلبة مفيش امل ، لايا شيخ طلبة فيه امل ، والله العظيم فيه امل ،بلدنا لسه فيها خير ، لسه فيه ناس كتير جواها خير ، فيها ناس كتير بتتغير ، والله العظيم زي ما بقولك
مين قال انه مفيش فايدة ، لو مفيش فايدة يبقي ليه ربنا سايب الناس كان ربنا شملهم بعذاب من عنده لو مكنش فيه فايده ، مش ده كان كلامك يا شيخ طلبة
لسه فيه خير وفيه امل ، فيه ربنا يا شيخ طلبة ، ياما وصلنا لاحوال اصعب من دي بكتير لكن دفع الله للناس ببعض بينصر الخير ، بس يكون فيه ناس بتدافع عن الخير اصلا
ناس شايفه انه فيه امل
مهما حصل يا شيخ طلبة في البلد هييجي يوم وتبقي اقوي مما كانت وتستعيد كل خيراتها
امال احنا ايه فايدتنا يا شيخ طلبة ، الرسول قال لو حتي وصلنا ليوم القيامة ومعانا فسيلة نخلة نزرعها يا شيخ طلبة ، مش ده كان كلامك ، ثم احنا بتشغل ومش مهم النتيجه ودي دنيتنا ولجنة اختبارنا في الحياة ، ولازم ننجح فيها ومش مهم النتائج
تكلم الشيخ طلبة اخيرا وقال : مفيش فايدة
لم اتمالك نفسي ان اصرخ : لا يا شيخ طلبة ، فيه فايدة والله العظيم فيه فايدة
لسه فيه امل
والله العظيم فيه فايدة
والله العظيم فيه فايدة

شعرت بيد تهزني في اصرار وصوت يقول : اصحي يابني فوق ، انت بتهلوس ولا ايه ، هي شمس السودان لحست مخك
انتبهت لنفسي وعرفت اني كنت احلم ، ولاول مرة افرح انه حلم مجرد حلم لا لم يكن حلم بل كان كابوس
الحمد لله الحمد لله بجد
قال لي صاحبي وهو لا يخفي سخريته وانا عارف انه هيفضحني في كل المواقع : انت كويس ولا انت حاسس انك سخن شوية
وانا كنت مبسوط جدا فقلت له : انا كويس جدا، واول مرة احس ان شكلك حلو ، وان لك فائدة في الحياة

Thursday, July 2, 2009

لعنة الكيبورد






كم من الزمن مر علي


وأصابعي لم تلتقط القلم


ليخط على الورق الأبيض خواطري
ياااااااااااه!! كم الاشتياق الذي يجتاحني وأنا أعود إلى ذكريات كتاباتي الأولى حين بدأت ولأول مرة في تاريخ افكاري أن أعبر عنها وأعلنها صراحة للعالمين
كانت أفكاري تحتشد وتتدافع في عنف لتنساب عبر اصابعي العصيبة إلى الورق، كان شعوراً متعباً ورائعاً
كان القلم عبقريا في أن يستفز كل أفكاري، يخرجها كلها علي الورق، فيكتب أي شيء وكان كل شيء يخرج رائعاً
كان القلم حقيقياً وكان الورق موجوداً أمامي له ملمس رقيق وأفكاري غير المنظورة صارت بفضلهم مخطوطة رائعه تظل علماً مدى بقاء الورق
كنت أملأ أوراقي بشخابيط كثيرة ولم يكن هذا يهمني بل يدفعني ذلك لأن أكتب أكثر، لأني أشعر بمدي معاناتي وأنا أحس بأفكاري وهي تولد في صعوبة فتصبح كالابن الغالي لا أريد لها بدلاً مهما كان
اعود للقلم والورقة البيضاء واداعبهما وأثق أنهما القادرين على استفزاز أفكاري لأن تترك الخلايا الرمادية التي قد تموت فيها من طول الانتظار وتهبط في دوي شديد وصراخ أكاد أسمعه على الورق
أعود إليهما بعدما كفرت بعالم الأزرار وعالم الضغطة الواحدة، عالم رص الحروف في سرعة ومحوها في سرعة، عالم الأوراق الزائفة التي بلا شخابيط
عالم الوهم



أعود إليهما معتذراً عن اعتقادي بأن صفحة الوورد أقدر على حسن ضيافة افكاري وأجدر بأن تحل عليها
كيف لم ادرك أن صفحات الوورد ليست حقيقية، لم اعتصر فيها قلماً ولم اضغط من شدة انفعالي على الورق
كيف لم ادرك أن ما اكتبه سريعاً يسهل علي أن امحوه سريعاً ولا اشعر معه بألفة أو حنين
كيف نسيت أن "شفت دليت" أسهل كثيراً علي من تمزيق ورقة تعبت فيها وتعبت عليها
كيف نسيت ان افكاري اعتادت مني الصبر، سواء في مخاضها أو رسمها
كيف يجرفني الاحساس بالعملية لأن اترك اصدقائي، كيف ورقصة القلم علي الورق تحكي عني.. عن نفسي
إن عالم الأزار قد ينفع لأن ينقل افكار أو يتحدث عن افكار ولكنها ليست الطريقة المثلى لأن تنتج افكار
لانها ليست الولادة الطبيعية للافكار، بها قد لا تولد الافكار كما حدث معي أو حتى تولد غير مكتملة،
كيف نسيت احاسيسي وأنا أخط جواباتي في صباي، كيف نسيت أجندتي الصغيرة التي شجعتني أن اكتب وأخدتني من مستوي لآخر بكل سلاسة، كيف وهي التي احتضنت كل افكاري الصغيرة الجميلة
كيف لم ادرك أن اضطرابي في الكتابة لم يكن بسبب قلة الافكار ولا ضعفها وإنما كانت الحضانة الصناعية هي السبب، تحتاج الافكار لصدر حنون طبيعيا يضمها في رفق، فلن تكون الشرائح السليكونية هي أحن عليها من الورق

قد كفرت بالكيبورد وعالم الأزرار لأني اكتشفت أني مصاب بمرض عضال، وجدت انه ينتشر بخلاياي مرض الأصالة
وجدت أنه يتعين علي أن أعود للطبيعة مرة اخرى
إن التقنية والتقدمية قد تصلح لنشر الافكار ولكنها فشلت بالنسبة لي في أن تجتذب افكار
إن للورقة والقلم سحر خاص وذكريات جميلة وطريقة غجرية في استمالة الافكار اللعوب