Sunday, November 25, 2007

الشجرة الملعونة


(لقد سمعتها وهي تتأوه يا سيدي أقسم لك)
قالها الطفل الصغير وهو ينتفض من الخوف ويرتمي في حضن ذلك الرجل العجوز كأنه يتلمس داخله الامان.. ضمه الرجل العجوز وهدئه وقال : من تلك التي تتأوه يا بني؟
قال الطفل وقد بدأ يهدأ ويستجمع أنفاسه " لقد سمعت الشجرة، شجرة الجميز التي علي شاطيء الترعه والله اقسم لك......
سرح الرجل العجوز بخياله قليلا وكأنه يستعيد ذكري ما من داخل خلايا مخه الرمادية ثم قال : كيف يابني سمعتها احكي لي كل شيء
قال الطفل : كنت العب انا واخي ثم تركني وذهب ليحضر لنا الطعام فجلست وحدي العب جوار الشجرة الكبيرة اني اخاف منها يا سيدي واخاف ان اراها في الظلام و...
قاطعه الرجل العجوز وقال برفق: وماذا حدث يا بني؟
استكمل الطفل : وأثناء لعبي سمعت صوت امرأة تئن وتتأوه كأنما تعاني من ألم فأسرعت أبحث عنها او عن مصدر الصوت كي اساعدها ولكني لم اجد احد ، بحثت في كل مكان ولم اجد احد ثم أنصت قليلا فبدأت اشعر بأن الصوت يخرج من تلك الشجرة المخيفة وشعرت بشيء يجذبني نحوها وانا انظر لاغصانها الطويلة المتشابكة المخيفة ، قال لي ابن عمي انه ذات مرة التقت نحو الشجرة فرأي كأن رجلا عملاقا يجلس علي غصن من أغصانها العالية وتتدلي رجلية نحو الارض ثم اختفي كل شيء وحتي بعد ان فرك عينيه لم يجد شيء كأنه لم يكن ولكني لم أصدق هذا الكلام من قبل وتقول لي امي كلام غريب عن تلك الشجرة وتمنعني من ألعب بجوارها ولكني العب هناك دائما ، انا خائف يا سيدي قالها وهو يتشبث اكثر بالرجل العجوز ... مسح الرجل العجوز علي ظهر الصبي قائلا : لاتقلق يا بني انت الان في امان
رفع الصبي رأسه وسأل : هل حقا يا سيدي العفاريت تسكن تلك الشجرة؟
قال الرجل : من قال ذلك
أخذ الطفل يحكي كلاما والرجل العجوز مازال سارحا في تلك الذكريات وافاق علي صوت الطفل وهو يقول:لماذا يقولون عنها انها شجرة ملعونه يا سيدي
حاول الرجل ان يبتسم وقال للصبي : انسي كل شيء انت الان في امان اذهب الان الي امك فقد تقلق عليك
قام الصبي يجري بقدمية الحافيتين وجلبابه المتسخ بعيدا ونادي الحاج علي ابنه وقال له : اجمع لي اليوم كل رجال العائلة فالامر اصبح لا يسكت عليه

وفي المساء في المندرة الكبيرة تجمع الرجال وفي منتصفهم الرجل العجوز الذي بدأ الحديث والكل يبدي له اهتماما وتركيزا : لماذا تركنا مخاوفنا حية لم نقضي عليها؟!! لماذا نورثها للاجيال الجديدة؟!! لماذا نجعلهم يعيشون نفس الظروف ويعانون من نفس المخاوف ؟ما اري الا اننا نحكم عليهم بأن يكونوا أمثالنا فلن نري جديدا في الحياة ولن ينزاح عنا هذا الواقع الذي نحياه ولا نطيقه
قال احد الجالسين : ما الامر يا حاج؟؟
قال الحاج: يبدو ان الشجرة عادت لما نهيناها عنه
قال رجل اخر: تقصد الشجرة الملعونة ؟ألم ينتهي امرها؟!!
قال الحاج:هي كذلك ويبدو انها عادت لتبدأ من جديد وتفعل كل ما كانت تفعله من قبل ومعظم الصبية يأتونني خائفين مذعورين ويشعرون بشئ يجذبهم نحوها ولن انتظر حتي تقوي وتجذب اولادنا حتي تبتلعهم داخلها كما فعلت من قبل
قال احدهم :و ما العمل يا حاج؟
قال الحاج : يجب أن نقتلعها قبل حدوث أي كارثة
رد عليه : ولكنا حاولنا ذلك فيما مضي ولكنا فشلنا؟
الحاج : يجب ان نحاول ، لكل زمن ظروفه ، يجب الا نحكم على زمن بظروف زمن غيره كان يجب علينا أن نحاول أكثر من مرة مازال الخوف بداخلنا بل وزرعناه لأطفالنا ثم أرهف الحاج سمعه ثم قال : أسمع امرأة تصرخ أنها من هذا الاتجاه
فأندفع الرجال في ذلك الاتجاه، كان ذلك اتجاه الشجرة ، الشجرة الملعونة


وصل الرجال فوجدوا امرأة تصرخ وتشير لطفل صغير متعلق بأغصان الشجرة وتقول : انقذوا ابني انجدوا ابني، ابني سيضيع
أحضر احد الرجال بلطة وتسلق الشجرة وبتر الاغصان التي تحيط بالطفل ثم القي به للرجال وفيما بعد سيقسم كل الحاضرون أنهم للحظات رأوا قطرت من الدم تسيل من مكان البتر ثم اختفت كأن لم تكن كعهد كل شئ في هذه الشجرة ولم يجرؤ احد أن يصارح غيره بما رأي فالمكان كأنما تملئه روح شيطانية تجثم عليه وتشيع فيه الرهبة والخوف ، وفي تلك اللحظة كان الحاج قد وصل وقال وهو يلهث : كنت أعلم أن هذا سيحدث كنت أعلم ذلك ، يجب أن نقتلعها الليلة
قال له ابنه: النهار له عينان يا حاج
قال الحاج مصرا : لا بل الليلة لن أنتظر حتي الغد لا اعلم ما قد يحدث
فرد عليه : لكن يحاج المكان له رهبته ومازالت مخاوفنا محفورة داخلنا
قال الحاج : بل الليلة يجب أن تقتلوا مخاوفكم بأيديكم أمام أبنائكم حتي يشبوا علي الشجاعة لا أن يتربوا علي الجبن والخوف هيا أامر الرجال أن يحضروا الفؤوس والبلاطي ويجمعوا كل اطفالهم فقد حان الوقت
قال الحاج : امرك يا حاج ، ثم انطلق يخبر الرجال ليتجمعوا بعد ساعة لاقتلاع الشجرة الملعونة

قبل منتصف الليل بساعة تجمع كل الرجال والنساءوالاطفال وفي ايديهم المشاعل التي تلقي بظلالها علي كل الموجودات فتزيد من رهبة الموقف
كان الصمت هو اميرهم والكل يجسد ذكرياته ومخاوفه امام عينيه ويسأل نفسه هل سأجرؤ أم لا؟!!
امر الحاج خمسة رجال اقوياء في يد كل منهم بلطة حاجه أن يلتفوا حول جذع الشجرة البالغ قطره أكثر من مترين وأن يبدوا في القطع ... وبعد أول ضربات بالبلطة سمعوا كلهم صوت تأوهات وتوجع فشهقت النساء وتوقف الرجال عن العمل ولكن خرج صوت الحاج قويا رغم ضعفه : هيا يارجال إستمروا ان الخوف داخلكم انتم بأيديكم أن تستمعوا له فتهلكوا واما لا تعيروه اهتماما فتنتصروا عليه ولن يضركم شيئا ، هيا يارجال حطموا كل الحواجز والاسوار التي داخلكم وانطلقوا نحو حياة سليمة لايكدرها خوف او جزع، هيا
كانت كلماته قوية واثقة عميقة التأثير ألهبت حماستهم فاستأنفوا القطع بهمة رغم الاصوات المخيفة وفجاءة توقفت تلك الاصوات دفعة واحدة كأنك فصلت عنها الكهرباء ثم حدث شيئ عجيب بدأ الدم يسيل من كل نتوء تصنعه البلطة وازداد الجذع صلابة حتي لكأنهم لا يفعلون شيء فنظروا للحاج يسألونه بأعينهم عما سيفعلوه ، نظر الحاج لخيوط الدم التي تبدو سوداء تحت ضوء المشاعل وقال : يبدو أنه لايوجد الا حل واحد ثم نظر لإبنه وقال إجعل كل إمرأة تأتي بكل الكيروسن الذي في بيتها يجب ان يكون لهم دورا فيما يحدث الليلة
وبعد قليل جاءت كل النساء وسكبن كل ما معهم من كيروسين علي جذع الشجرة وتطوع بعض الرجال فتسلقوا الجذع ونثروا الكيروسين علي الاغصان والفروع ثم أمر الحاج أن يخلوا كل المنطقة المحيطة بالشجرة ثم امسك أحدي المشاعل وقربها من الجذع المبلل وما هي الا لحظات حتي انتشرت النار في كل اجزاء الشجرة وارتفعت السنة اللهب عالية وأضاءت ليل القرية المظلم بأكمله
كان مشهدا رهيبا
ومما زادته رهبة صوت الصراخ والعويل الصادر من الشجرة
كان الجميع ينظر الي الشجرة المشتعلة في صمت ووجوم
وفي داخلهم شعور بالنصر
النصر علي تلك المخاوف التي سكنت داخلهم
وتحلكمت فيهم سنين طويلة
قد انتهي كل شيء

والي الان مازال جذع الشجرة يبث الرعب في نفوس المارين ليلا لمن ارادوا ذلك!!!!!!


Tuesday, November 20, 2007

لن تتغير


-أرجوك دعني.... قالتها في وهن ترجوه أن يطلق سراح يدها .
قال لها وهو يلوي ذراعها : لا لن اتركك إلا بعد أن أنتقم منك
قالت : أقسم لك أنا لا أعرف شيئا عما تتحدث عنه
إزدادت قسوته وإزداد ضغطه علي ذراعها وقال : لقد كنت غر ساذج ومغفل أيضا حيث كنت أصدقك
حاولت يائسة أن تتملص من يديه وقالت باكية : أرجوك دعني ، انت لا تفهم شئ
قال لها : لقد سئمت صوتك ، اصمتي إلا أخرستك للأبد
تضرعت إليه : دعني واعدك أن أفعل ما تريد ،لن اؤذيك ولن اقف في طريقك مرة أخري أرجوك .
كان حديثها من الضعف والتضرع ما جعل قلبه يرق ويلين ولكنه قال متوعدا : في المرة القادمة لن يكون هناك فرصة للحديث وانت تعلمي ما أقول .
قالت له : نعم نعم أعلم ، دعني أرجوك.
وتركها تنزلق من بين يديه وفور إنزلاقها أسرعت الي حقيبتها وأخرجت منه مسدسا ضغيرا وجهته اليه وقالت ساخرة: لو كنت مكانك ما كنت لاتركك ، انك غر ساذج بالفعل هل تصورت أنني قد أتركك بكل بساطة ، انت واهم
قال وهو يضغط علي اسنانه من الغيظ : أيتها اللعينة سوف احطم رقبتك.
أطلقت ضحكة عابسة وقالت : في المرة القادمة إفعل ما يحلو لك اما الان فسوف تخضع لاوامري وتفعل ما اشاء والان هيا اركع علي ركبتيك وارجوني وتوسل اليك هيا
ركع على ركبتيه في ذلة وقال : لعنة الله علي من يصدقها او يركن اليها

Saturday, November 3, 2007

شعب مصر.......كذاميزه


حينما كتبت تدوينتي فوضويون ..... نعم نحن شعب مصر تألمت كثيرا لذلك فما كنت احب ان اتكلم عن بلدي هكذا ولكن ما قد حدث لي يومها اعتقد انه قد يغفر لي ما هو اكثر من ذلك ولكن المفروض ان من يحمل داخله هدف او رسالة وانا اوطن نفسي علي ذلك ويجب علي كل شاب يحب هذه البلد ذلك أن يتحلي بالصبر ولا ييأس سريعا كما قد اوشك ان يحدث معي يومها يجب ان يكون اكبر من الاحداث مع قسوتها وصدمتها له

وحين كتبت تدوينتي تلك قلت في نفسي اذا كان تلك عيوبه فهل قد تكون له مميزات وقلت فورا : بلي اي انسان او مجموعه او شيء او شعب له مميزات وله عيوب
فقلت اذا فلأبدأ بإحصاء مميزاته حتي تكون الامور متوازنه ويستطيع الانسان ان يعطي حكما صائبا لا محبط ولا حالم

وبدأت افكر في مميزات ذلك الشعب العريق القديم

نعم بدأت افكر وبدأت الصورة تتجمع وتتضح

وكان هناك مثل يراودني وانا احصي هذه الصفات ان الشيء إن زاد عن حده انقلب اضده

وكانت اول صفة هي الصبر



شعب صبور
من ذا ينكر بأن شعب مصر من الشعوب القليلة التي تستطيع تحمل طعم الصبر المر في حلقها ومن ذا ينكر بأن الشعب المصري من الشعوب التي واجهت مصاعب لا يحتملها احد غير
قد واجه الفقر وهو صابر
وواجه الجوع وهو صابر
وواجه المرض وهو صابر
وواجه الاحتلال وهو صابر
وواجه الظلمه والطغاة والحرامية وهو صابر

قد تكون هذه الصفه العظيمة التي تميز شعب مصر من الصفات التي للأسف زادت احيانا وانقلبت لضدها ولكن هناك قطعا اشياء يكون الصبر عليها هو الحل الوحيد والاصعب والذي لا يطيقه الا شعب قوي مثل الشعب المصري



شعب مرح

كم من مرة وجد الواحد منا نفسه في مصلحة حكومية ويكاد ينفجر من الغيظ مما يلاقيه ويسمومه علي يد الموظفين او حتي السعاه المرتشين ولكن بشكل عفوي يطلق احدهم تعليق او وصف ساخر فتجد نفسك رغما عنها تضحك نعم تضحك وتقول في سرك هذا الشعب يسخر من احزانه
بجد الشعب المصري لدية قدرة عجيبة علي السخرية حتي في احلك الظروف تجده يضحك وتصدر منه النكات بتركيبات عجيبة حتي وهو يواجه الموت او الظلم او القسوة
كثيرا ما احترم هذه الصفة في الشعب المصري بأن دمه خفيف ولا يستطيع شيء ان يرغمه علي الحزن ولكن هناك اوقات يعد الاكتفاء بالسخرية والضحك يعد هروبا وضعفا
ولكن هناك كما قلنا اوقاتا كثيرا يكون الحل الوحيد السلمي هو الضحك او السخرية اما ان تحزن وتستسلم لذلك فهو الهلاك بعينه
اجمل النكات هي ما تصدر عن الشعب المصري والتي تصدر غالبا للدول العربية وحين تسمع نكته اتيه من هناك قد لا تضحك وتعتبرها بايخه وماسخه في حين تجعلهم هناك يرقدون علي ظهورهم من شدة الضحك
وقليلة ايضا هي تلك المسلسلات الخليجية الكوميدية التي تستسيغها او تفهمها


شعب متعاون

مهما قلنا عن عيوب الشعب المصري فلن يجرؤ احد ان يقول بأن الشعب المصري نذل ومتخاذل عن مد يد المساعده من دون ان يطلب منه احد ذلك

شعب يتساند مع بعضه في وجه الازمات
شعب يجري في حاجه غيره في فرحه او حزنه او مشاكله
شعب يساعد الاخر سواء كان قريبا او غريبا

واذا اردت ان تري هذه الصورة علي حقيقتها اذهب للقري الكثيرة والتي تمثل معظم مصر وحقيقتها ودعك قليلا من المدن التي قد مسخت بشكل او بأخر وبنسب متفاوته
في الافراح اخترعوا نظام النقطه وهو نظام قديم
في اي مناسبة يقوم الاخرين بإعطائك النقطه علي ان تسجلها انت وتردها في مناسبة اخري له وهي تجري بصورة منظمة ومعقدة وعجيبة فلها نظامها الخاص
واذا اردت ان تعرف كم هو الشعب المصري من شهامته ورجولته اذهب لدول اخري وتعرض لمحنة ولاحظ الفرق
وكما قلنا قبل ذلك في بعض الاحيان تزيد هذه الصفة عن حدها قليلا وتتحول لمحاوله للتدخل فيما لا يعني الشخص وتكون اعتداء علي خصوصية الانسان


وكفاية لحد كده ونكمل المرة القادمة بقية مميزات شعب مصر وياليت من كان لديه اضافة او ملاحظة لا يبخل بها حتي تكتمل الصورة