Wednesday, July 11, 2007

موزع الجرائد

موزع الجرائد
كانت تجلس في شرفة منزلها وبيدها كوب ساخن من الشاي وكانت تنظر لتلك الاضواء البعيدة التي أخذتها رويدا رويدا عن الواقع لتلقي بها في بحر الذكريات الجميل وعادت بها الذكريات الي ايام عملها كمحاسبة في احد البنوك في جزيرة الزمالك ..كانت دائما تذهب في معادها وأحيانا تصل قبل زميلاتها ،كانت تحظي بإحترام وتقدير الجميع علي حد سواء وذات يوم لفت نظرها شيء عجيب لفت نظرها الشاب الذي يأتي لهم بالجرائد يوميا ،كان يوجد به شيء غير مفهوم ، لم يكن يبدو عليه اي شيء مختلف عن اي من موزعي الجرائد فهو يأتي يوميا بدراجته ويرتدي الزي المحخصص لذلك ولكن يبقي فيه شيئا غامضا هل هي نظرته ؟ هل هي ثقته واعتداده بنفسه؟ لم تكن تدري ولكنها كانت تجزم بأنه يوجد شيء غامض يقبع خلف تلك الشخصية الغريبة


وحينما زادت حيرتها سألت زميلتها في المكتب المجاور وأخبرتها عن حيرتها فأطلقت زميلتها ضحكة ساخرة وقالت لها: يبدو أنك وقعت في حب مزرع الجرائد
- انا لا امزح ألا ترين فيه شيء مختلف؟


- كلا لااري فيه شيء مختلف إنه مثل أي موزع جرائد ، ثم انني لا اهتم بموزعي الجرائد انا اهتم بإبن صاحب البنك او مدير الفرع هذا الشاب الوسيم أو ...


-: كفي كفي ألا تهمدين أفيقي من تلك الاحلام وعيشي الواقع فلن يأتي اليوم الذي يذهب فيه إبن صاحب البنك لحي السيدة زينب حارة زينهم كي يطلب يدك


-: اليس هذا افضل من ان احلم بمزع الجرائد


- ومن قال اني اهتم به او افكر أن ارتبط به كل ما في الامر انني اري فيه شيء مختلف شيء محير ألاترين نظراته وثقته بنفسه ويبدو من ملامحه أنه مهذب ومثقف ألاتذكرين حينما صاح فيه أستاذ ابراهيم بشدة غاضبا عندما تأخر عن موعده قليلا ألا تتذكرين كيف رد عليه بكل ثقة وأدب وحزم وطلب منه ألا يتحدث اليه ثانية بهذا الاسلوب مهما كان الامر؟


-نعم اذكر ذلك واذكر أيضا أن الاستاذ إبراهيم لم يكن رد فعله عنيفا كما هو متوقع بل علي العكس إبتسم له وقال : حسنا أتمني ألا يحدث ذلك ثانية


- وأيضا حينما طلبت منه مدام نهي تلك المجلة الخليعة رفض بقوة وقال إن هذا ضد مبادئه


-نعم يبدو أن معك حق ، إن وراء هذا الشاب قصة طويلة ، لقد كانت صدمة مدام نهي كبيرة حينما قال لها ذلك وقالت بعدها في ذهول كيف يكون لموزع الجرائد مباديء يحافظ عليها، مارأيك أن اسأله مباشرة عندما يأتي ؟


-لا لا تفعلي ما الذي يعنينا من أمره ، كانت مجرد ملاحظة إنسي الامر


- كما تشائين ، صحيح لم تخبريني بعد هل وجدت أختك وظيفة


-أه نعم ولكن بعد معاناة طويلة نجحت أخر مقابلة لها مع مكتب أستشاري


-انا اعرف أن تكون البنت مدرسة ، طبيبة أو محاسبة مثلي لكن أن تكون مهندسة كهرباء فهذا شيء عجيب


وتستمر الذكريات تنساب داخلها في نعومة وتذكرت ذلك اليوم الذي جاءت فيه اختها صباحا تزورها في مكتبها في البنك ، وبينما تتحدث اختها عن عملها الجديد إذ هبت واقفة وقالت : بشمهندس علاء اهلا بك . ذهلت أختها مما فعلته إختها وقالت لها: حبيبتي هذا موزع الجرائد يبدو أنه قد اختلط عليك الامر
ولكن العجيب أنه نظر الي اختها مبتسما وقال : ارجو ألا تتأخري اليوم . وترك الجرائد وإنصرف وترك خلفه عاصفة من الذهول فهو كان بالنسبة لها منذ قليل موزع جرائد ثم اصبح فجأة مهندس علاء والتفتت لاختها التي أصابها الذهول بدورها وسألتها : كيف؟
غمغمت أختها بلا معني
وعندما الحت عليها قائلة: كيف أصبح علاء مهندس علاء وكيف عرفتينه
قالت إختها: مهندس علاء هو مديري المباشر في المكتب الاستشاري وهو المكلف بتدريبي خلال الثلاث شهور الاولي ولكن كيف؟
- إن هذا لعجيب وهذا قد يفسرالغموض . ثم إلتفتت لصديقتها وقالت : الم اقل لك ان وراءه قصة طويلة

قالت صديقتها : إسمعي أنا لن أعبأ بأرائك وعندما يأتي غدا سوف أغلق الباب ولن أدعه يخرج إلا بعد أن يحكي كل ما عنده ولكن هل تظنين أنه سيأتي ؟ اعني بعدما عرفنا عنه أنه مهندس أو أن أختك عرفت أنه موزع جرائد
- لا ادري ولكني أظن أنه سيأتي ، رد فعله لايدل أن الامر كان مفاجأة بالنسبة له علي الاطلاق وإنما يدل علي أنه كان مستعدا له أو أنه في حالة رضي وقناعة مع نفسه فلا يشعر أن هناك شيء غريب أو متناقض


- نعم يبدو ذلك ولكن كما يقول المثل : يا خبر سوف تدفعين عليه مالا اليوم غدا تعرفينه بلا مال
وجاء الصباح مسرعا ودخل علاء كالمعتاد يحمل الجرائد اليومية حتي أسرعت صديقتها علي الفور وأغلقت باب المحكتب وقالت في جرأة : لن تخرج من هنا حتي تخبرنا عن حكايتك
كان الحياء بادي علي وجه علاء وقال في بساطة: لا يوجد هناك حكاية
وهنا بدأت تتحدث لاول مرة وقالت: عفوا مهندس علاء في البداية كنت بالنسبة لنا شخصية غامضة والان تصبح مهندس في مكتب استشاري كبير كيف ذلك؟
وتتذكر الان كيف بدأ علاء يحكي عن نفسه بملامحه الهادئة وابتسامته الجميلة ، لم تتذكر كثيرا مما قال ولكن تذكر أنه تحدث عن أن مكتب التوزيع هذا يخص عائلته وكان منذ صغره يذهب اليه صباحا قبل المدرسة يوزع نصيبه ثم يستبدل ملابسه ويذهب الي المدرسة وحتي بعد أن التحق بكلية الهندسة لم يجد ضير من أن يذهب كل صباح ليمارس هذا العمل الذي أحبه ويجعله يطوف أحياء القاهرة الجميلة بدراحته فيمتلئ قلبه أملا وحبا وسعادة وحتي بعد ان التحق بمكتب استشاري صار الموضوع بالنسبة له لذة ومتعة فضلا علي انه يحافظ علي ارث عائلته التي صارت الموزع الرئيسي لعدد كبير من المكاتب والشركات والبنوك وهذا ايضا بجانب أنه يعود ليه بعائد مادي لابأس به
وعندما سألته صديقتها : ولكن ألا تخشي أن يراك الناس في صورة غير صورتك الحقيقية
إبتسم علاء ساعتها إبتسامة عذبة وقال : سيدتي أنا لايهمني الناس ما دمت أفعل شيء انا مقتنع به فلا يهمني أي شيء.
ولم تذكر ما حدث بعد ذلك كانت في عالم اخر واحلام ترف علي خيالها المحلق

وقالت لها صديقتها ذات يوم : أقطع ذراعي إن لم تكن نظراته إليك تغيرت
- ما هذا؟ علاء لا ينظر مباشرة الي اي منا إنه شاب ورع واكثر ما يميزه حياءه
- حياءه فقط؟
- ماذا تقصدين؟
- لا اقصد شيء ولكني أردت أن أقول أن معاملته معك قد تغيرت ألاترين حرصه الدائم علي أن يأتي بمجلتك المفضلة رغم أنها تصدر بأعداد قليلة للغاية او علي الاقل السلامات التي يرسلها مع أختك
- أري أنه من الافضل أن تهتمي بعملك ودعك من تلك الافكار المريضة التي في رأسك و.................
- (ماما .. ماما متي سيعود بابا علاء)
إنتزعها صوت إبنتها الصغيرة من ذكرياتها الجميلة وأعادتها لأرض الواقع ثانية ووجدت كوب الشاي في يدها قد برد تماما ، مسحت علي رأس إبنتها وقالت : سيعود حالا يا صغيرتي سيعود.

9 comments:

Anonymous said...

رائعة، لا تكفيها
سلمت يداك و أتمني أن تكمل هكذا و لا داعي للعامية المفرطة مثلما في سابقتها

عصفور المدينة said...

أنت فنان
المفاجأة أنك أنهيتها
وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان قصدي بنات
ومع ذلك ما زعلتش منك رغم إني مش باحب النهاية دي لكنها جاءت متقنة جدا

Anonymous said...

جميلة
و نرجوا منك الأستمرار

Fahd said...

احمد هاشم

اشرك لك مرورك وتعليقك
والعامية يا عمنا هي اسلوب من اساليب كتيره علي حسب الموقف فهي مش مرض او عدوه هي علي حسب الموقف
بس خير
انا بحب اللغة العربية وبفتخر بها جدا وانا قرات لناس كتير كتبوا باللغه العربية بمنتهي الجمال والسلاسة مثل نبيل فاروق واحمد خالد توفيق

Fahd said...

عصفور حبيبي

انت لا تحب النهايات التي يتزوج فيها ابطل البطلة وهذا لانها قد تكررت في الافلام المصرية اكثر من عدد الافلام نفسها ولكن هو السياق مشي كده وعلي فكرة القصه دي جزء كبير منها حقيقي وانا بهدي القصة لصاحبها واتمني ان تنتهي قصته كما يريد لا كما اريد انا
جزاكم الله خير علي تعليقك وبجد بستفيد جدا منها


وفي فصام وانتقام ما كنت لاطمع ان تفهم قصتي هكذا كما فهمتها انت ربنا يكرمك ويوفقك امين

Fahd said...

احمد سالم

احمد بجلالة قدره في مدونتي
ايه النور ده
واتسأل كيف احتملتك مدونتي ولم تنسحق تحت ثقل قدرك

سعيد جدا بمرورك وتعليقك الرقيق والله المستعان اقدر اكتب اكتر حاجات جميلة ومفيده للناس

Anonymous said...

Execuse me for writing in English,but i have great difficulty finding the Arbic letters on my keyboard.......
This post of yours is owsome,outstanding and is simply unique....keep going,never stop....by the way,does علاء know he is on your post?..i know that both truth and fiction are prsent here,but i cant defferentiate between them, and wish you will guide me.....AHMED HAMDY

None said...

حبيبى

هو علاء قاللك انه عايز يتجوز محاسبه الراجل قالك نفسه فى دكتوره

طبيبه يعنى
ليه تغير مسار حياته كده
اسلوب رائع يا فهد

وسلاااااااااااااام

Fahd said...

احمد حمدي
اشكرك علي تعليقك

وعلاء يعرف ذلك


فنان

انا مش عارف ايه دخلك في الموضوع
روح اكتب له قصه وجوزه زى ما انت عايز