وقع في يدي منذ أيام كتاب حديث مع الكوكب للكاتب الكبير توفيق الحكيم
وبالطبع كان الحوار الذي دار بينه وبين كوكب الارض رائعا
لا أنكر أنني إستمتعت به وشدني جزالته وتسلسله الذي يشعرك أنك تقود سيارة في طريق
املس بلا مطبات
ولكن كان لي وقفة مع بعض ما قد دار في هذا الحوار الجميل
ولكن من انا كي انقد اديب بحجم توفيق الحكيم
وانا مقتنع تاما اذا اردت ان تنقد شخصا في فكره او شخصه او ادبه يجب ان تكون بحجمه
ولكن ما شجعني علي ذلك- الا وهو نقد بعض ما ذكره الحكيم علي لسان الكوكب- امرين
الاول انني لم اجد احد علي ما اذكر قد قام بمناقشة تلك الاعمال فشعرت انه واجب علي
حتي وان لم اكن في حجم الحكيم
ثانيا ان الحكيم نفسه قد قال في بداية كتابه انه ليس المقصود به اقرار حقائق جديده انما هي مناقشات للبديهيات ومحاوله لتحريك الفكر لا شحن الراس ولا الاقناع برأي وقال انه يجب ان نفحص ونمحص كل ما استقر في وجداننا من مسلمات تمهيد لاقرار العقلية العلميه
ولذلك ادعوكم بعد الاستعانه بالله لنسأل الحكيم كيف قال ذلك؟.
اشد ما كان يحيرني في كتابات وادبيات ذلك الزمن هو حالة الفصام الغريبة التي يعاني منها معظم الكتاب فهو مسلم ويقول انه مسلم بد وقد يكتب بعض القصص الدينية ولكن تجده في نفس الوقت يطرح افكارا ونظريات تصطدم اصطداما مريعا مع مبادئ صريحه في ديننا او هي ما يقال عنها معلوم من الدين بالضرورة
واكثر النظريات التي اثرت في هذه الحقبه هي نظرية داروين الساذجة نظرية النشوء والارتقاء ولم يكن هدفها كما اعتقد مجرد البحث العلمي فقط وانما كان الهدف الوصول لمفهوم الطبيعه الخالقه وهو انه لا يوجد اله حيث لا يحتاج الامر الي اله
وهذا ما يخالف العقيدة الاسلاميه مخالفة صريحة
وحتي نظرية داروين اثبت فشلها والقيت في صندوق القمامة ولكن لا يزال في وطننا الاسلامي من يعتقد بها وتسيطر علي ادبايته وافكاره عن الحياة
ولكن الادباء في القرن الماضي قد فتنوا بالغرب بشكل شنيع واخترقت افكاره ونظرياته عقول مفكرينا فأصبحو يرتدون رابطة العنق علي الجلباب في منظر يدعو للضحك ولكن احد منهم علي مكانته لم يكن يضحك وحتي المثقفين رأوا انها لم تكن تضحك بل رأوها تنوير ورقي وتحضر
وانا رايي هو اما ان يرضوا بالجلباب ويرفضوا ما يخالفها واما ان يخلعوها بالكلية ويرتدوا ما يشاؤون ولكن هذه اللخبطه وهذا الفصام وهذا الكوكتيل المقرف لايبني عليه حضارة او ينشأ عليه اجيال سويه متصالحه مع نفسها ترتكن لافكار سليمة متجانسة
وحين قرأت للحكيم حديث مع الكوكب كادت الدهشة ان تنتزعني من ماكني كيف يكتب مثل هذه الافكار وهو من هو توفيق الحكيم الاديب المسلم الذي امتعنا بأدبياته الدينية
وكان اولا شيء صدمني هو حديثه عن العقل الانساني ونعمة التفكير
حيث قال: ان الانسان ضعيف جدا بالقياس الي غيره من الحيوانات وعندما اراد ان يعتمد علي اعضائه كغيره من الحيوانات للحصول علي غذائه لم تسعفه هذه الاعضاء القاصرة فهدته ضرؤورة الحياة الي البحث عن بديل لاعضاءه الضعيفه ففكر في استخدام ناب ومخلب من قطع الرخام والاحجار.. وكان هذا مبدأ اكتشاف قدرة جديدة عند هذا الحيوان الاعزل , قدرة التفكير الخلاق وبهذا الاكتشاف الخطير اخدت تنمو في مخه خلايا معينة نموا مطردا حتي اصبحت شبه عضلة جديدة يمكن تسميتها عضلة التفكير.
وفي موضوع اخر يقول:ان التفكير الخلاق هو شيء انساني بحت خلايا نمت في مخ الانسان في ظروف خاصة به , حتي يستطيع ان يعيش .. قوة الحياة تدفع كل كائن الي ايجاد وسيلته الضرورية للحياة .
ولاادري كيف يقول الحكيم شيء كهذا ؟!! كيف يقول ان الانسان حيوان وكيف يقول ان قوة الحياة هي التي تدفع وتصنع وتخلق وكيف يقول ان الانسان خلق بلا عقل يفكر ولكن ضرورة الحياة هدته الي ذلك
وحين قال للكوكب : لقد كنت اظن التفكير هونعمة الانسان الكبري. قال الكوكب: الحياة لا تعرف النعمة او النقمة هذه الفاظ انسانية ..ان الحياة لاتعرف غير ضرورة الحياة ان التفكير الخلاق قد خلق - بفتح الخاء- فيما خلق لغات وتصورات .. ذلك تصوركم ان كل شيء علي الارض قد وجد من اجلكم.
كيف هذا يا حكيم يرحمك الله كيف تقول ذلك؟!! ومن اين اتي هذا الانسان الذي تسميه حيوانا يا حكيم؟؟ ومن خلقه ومن هيأ له العيش في الدنيا؟؟ اتراها الطبيعة؟؟؟ فلما لاتعلن الطبيعة عن نفسها وترسل لنا الرسل كي نؤمن بها !!!!!!
ولكن كل ما سبق قد نحمله علي معاني اخري وان هذه هي سنة الله في خلقه وان الله قد اوجد في الانسان اسلحة التفكير الي حين ان يكتشفها ولكن مالا قد لا اجد له اي تفسير هو حديث الكوكب عن الدين وانه هو والفنون والعلم اكتشافات انسانية وكلها منتجات من الفكر الذي نما فجأة وتكون لحاجة الانسان الضرورية
وفي حواره مع الكوكب يقول له عن الفكر الانساني: ولكني اليوم ادرك به الاسمي والاعظم .. ادرك به الله
فيرد عليه الكوكب قائلا:نعم ..الدين.. ايضا شيء انساني , اي كائن حي غير الانسان لا يمكن ان يدرك شيء اسمه الدين فالانسان الذي مارس الخلق فهم ان كل شيء لا بد له من خالق وهذا الفهم اراح عقله القلق المتسائل عن اصل وجوده لان حركة العقل الانساني لابد ان تدور في مساحة لها بداية ونهاية .
وانا اسأل الحكيم اليس ما تقوله صحيحا وانه يجب ان يكون هناك خالق لهذا الوجود ام انها مجرد قصة تلهي العقل البشري كي يكف عن اسألته البلهاء؟؟ ايعني ذلك انها غير حقيقة وان الحقيقة غير ذلك
هل نفعل مع العقل البشري كما نفعل مع طفلة صغيرة مات ابوها وعندما تسألنا نخبرها بأن ابوها قد سافر حتي يرتاح عقلها
ما معني هذا؟ هل يريد الحكيم ان يقول ذلك؟ ثم من هم الرسل اذن والانبياء؟ هل هم نتاج عقلنا البشري افرزهم ثم جعل منهم الوصلة المنطقية التي تتصل بالقصة التي حاكها كي يكف عنه قلقه وحيرته!!
علامات تسأل لو ذهبنا معها نتقصي عنها لوجدنا انفسنا امام دين اخر, مذهب اخر , فكر اخر لا اعتقد انه يتقارب مع فكرنا الاسلامي او عقيدتنا ابدا
والسؤال هل كان الحكيم يقصد كل هذا بكل معانيه
هل نعذره وهل بكل هذا الحجم في ما فعل
ام هل للابداع قوانين اخري
هل نستمتع بإغنية ولكنها في كلماتها سباب لنا
لاادري ولكني لا انكر اني استمتعت بما كتب الحكيم عن التفكير وكيف انه اساس الحضارات وان توقف اوتجمد تنهار الحضارة لتقوم حضارة اخري تبتلعها
وايضا حديثه عن معني الحقيقة والقوة بأنواعها واي منها نحتاجه في هذه المرحلة التي نحياها
لا انكر ذلك ولكني لم افهم كيف قال الحكيم هذا!!!!!!