Saturday, February 27, 2010

العاشرة صباحا


استيقظ ذلك اليوم في التاسعه وعشرين دقيقة فكان هذا كفيلا بان يصاب بصدمة عصبية عنيفه
انتفض كالملسوع وجري نحو الحمام ولم يجد الوقت ليغلقه خلفه ..انجز فقط ما يغنيه عن الحمام حتي يجد حماما اخر
صلي بسرعه ركعتين الصبح
وقام يرتدي ملابسه ويغسل اسنانه ويرتدي حذائه ويهذب شعره ويجمع حقيبته ويضع شيء ما في فمه في نفس الوقت
هبط علي السلالم قفزا كل خمس درجات في المرة الواحدة وكان في نفس اللحظة يحكم ازرار القميص
كان يسافر كل يوم الي مدينة السادات علي الطريق الصحرواي التي كان السادات يريد ان يجعلها العاصمة
لم يكن يعنيه ذلك بل كان يشغله موعد الاتوبيس الذي يتحرك من محطة الترجمان في العاشرة صباحا
كان فعليا يفصله عن محطة الترجمان سبعه دقائق فقط لو كان يقود سيارته وان الطريق خالي ، وان ذلك لمن المستحيل

جري ملهوفا يجتاز الطرق الجانبية مسرعا
اصطدم في طريقه بشخص يحمل قفصا عليه عيش ساخن قد شقي الرجل منذ الصباح حتي حصل عليه فتناثر علي الارض ولكنه لم يلتف ولم يعتذر واستكمل عدوه
وصل الي الطريق الرئيسي ، اشار الي تاكسي ولكنه لم يتوقف هنا رأي ميني باص يتحرك في اتجاة الي الاسعاف ، فاطلق ساقيه للريح حتي وازاه ومازال الميني باص يتحرك والناس مشعلقون علي الباب يكاد الميني باص يلفظهم ولكنه بحركه مدربه امسك طرف الباب وهو مازال يجري ورفع قدمه اليمني علي حافة الباب وتطوع احدهم بأن امسكه من ملابسه ورفعه معهم ..فسار يمسك بيد ويضع نصف قدمه اليمني علي الباب
كانت الساعه تقترب من التاسعه واربعين دقيقة وهو ما يزال في منتصف الطريق
كانت يده اليسري تحمل حقيبته في الهواء خارج الباب فمنعه ذلك من ان يقرض اظفاره قلقلا ولكنه استطاع ان يلف ذراعه اليمني التي تمسك بالقائم الحديدي حتي وصل اصبعه السبابه المنحوت حتي اللحم الي اسنانه يقضم فيه قلقه وتوتره
وصل الميني باص الي المحطة مع اخر اصبع له واخر دقيقة قبل العاشرة ،جري متزحلقا علي الرخام في مدخل المحطة حتي وصل لشباك التذاكر اخرج كل الاموال التي في جيبه ليخرج منها قيمة التذكرة ولكنه وجد الموظف الظريف الهادئ يجلس خلف الشباك يتحدث الي موظفه اخري ويضحك علي نكته سخيفه لم يسمعها
-لوسمحت اريد تذكرة ذهاب لمدينة السادات ولكن بسرعه من فضلك
بعد فترة لا مبالاة يجيدها بعض موظفي الحكومة : للاسف تذاكر الساعه العاشرة نفذت
ولكن ان لحقت الاتوبيس تستطيع ان تقطع تذكره فيه ولكن ستقف لو لم يكن لك مكان .
فعليا لم يستمع لاخر الجملة فقد انطلق يقفز علي درجات السلم الكهربائي الذي يهبط بسرعته الثابته
وصل متزحلقا بحذائه الرياضي الي البوابة الزجاجية رقم 9 والتي رأي من خلفها الاتوبيس وقد بدأت اجهزته تنفث صوتا ودخانا مؤذنه بالتحرك
وهو يجري كي يعبر البوابة لمح علي البوابة المقابلة وجه مألوف بالنسبة له فالتفت وهو يجري ورأي شخص ما
في نفس اللحظة كان يصطدم بمقعد صغير فانقلب علي وجهه محدثا ضجة سرعان ما ذابت في صوت الاتوبيس العالي
لمحه هذا الشخص فاصابت ملامحه صدمه وقتيه ولم يدرك نفسه الا وهو يجري نحوه ويلتقط يديه يساعده في النهوض
ودون تبادل اية حروف ذابا في حضن طويل بملامح من ذهول
كان هذا صديقه محمد الذي لم يره من ايام الجامعه
في لحظة ان رأه نسي كل شيء وغابت كل الاحداث عن باله الا سعادته ودهشته ان قابل صديقه وحبيبه
بعد اربع دقائق كاملة من السلامات والدهشات وحنين الذكريات التي انهالت عليهما عادت اليه ذاكرته من جديد وتذكر ان هناك ماردا قد تحرك منذ خمس دقائق وانه قد سابق الاحلام ليصل اليه
نظر خلف البوابة الزجاجية فلم يري الاتوبيس
تهاوت كل احلامه السابقه باللحاق
ولكنه لم يندم
وقال هي فرصه ان انتظر مع صديقي حتي موعد الاتوبيس القادم
ولكن صديقه قال له : يابني ان كان سائق الاتوبيس يحرص علي مواعيده فلن تسمح له شوارع القاهرة بذلك
انهض علي مهلك وستجد الاتوبيس ما يزال علي اول طريق المحطة

2 comments:

Unknown said...

حمد الله على السلامة ياراجل ياطيب
أكثر من رائعة ،،، أسلوبك فى السرد شيق للغاية
و الجميل هو إضافة نكهة القاهرة للتدوينة
دمتَ بكل الخير و السعادة

محمد سعيد said...

زي مانت جميل من يومك..لازلت أذكر مقال الجميل في مجلة كل الطلبة " حمامك منبرك السياسي" فاكر يامصطفي كانت أيام جميلة بجد
وحشتني والله