Wednesday, May 4, 2011

هنا في غانا





صحيح انك قد تعيش في كمباوند راقي، وتسكن في بيت كبير مجهز باسلوب عصري حديث، لكن مع قرع المطر الشديد الذي يهطل لاكثر من خمس ساعات دون توقف، وهزيم الرعد المدوي في الخارج وعواء الريح وصفيرها، كل ذلك ينزع عنك كل مظاهر المدنية التي نتظاهر بها لكي نبدو ومختلفين ومتقدمين ومتحضرين وراقيين
ولكن الحقيقة ان كل منا داخلة ذلك الانسان البدائي المرتجف داخل كوخة المصنوع من الحطب وخيوط الكتان، كل منا داخله ذلك الذعر والضعف والعجز الانساني امام ايات الله التي يبثها في الكون التي حالت دونها طبقات المدنية الذائفة
هنا في غانا، حيث تستيقظ علي صوت المطر الثقيل الذي يضرب وبكل قوة كل ما حولك، تستيقظ وفي داخلك شعور ما جديد، او مخفي داخلك طول سنين الحضارة ولكنها ايضا كالاصباغ التي تتشوه بالمطر نفسه ثم تزول لتبقي الحقيقة دائما، هي انت ايها الانسان، مهما فعلت مهما صنعت وابتكرت مهما امنت نفسك بكل الاساليب مهما اخترعت ما يحول بينك وبين الطبيعة لكن لا تزال اية من ايات الله قادرة علي تذكرك بمدي ضعفك وعجزك واحتياجك الحقيقي لان تستمد قوتك من الخالق سبحانه وتعالي


هنا مطر ورعد وبرق وريح عنيفه ولكنها ليس كما نعرفها، هنا مناخ استوائي عفي لم تصله يد التلوث بعد، مناخ يجعلك تقف امامه خوفا وطمعا، تدعو الله لتزيل عنك شعورا بالرهبة ثم طمعا في ان تستجاب لك دعوة في ذلك المشهد الذي تتفرد به الطبيعة او ايات الله بالخارج


لا احد يقف امامها لا انسان او حيوان كلهم يختفون في بيوتهم خائفين واياات الله هي التي ترسم المشهد السيمفوني الخلاب


تضيء السماء امامك للحظات كفيلة بان تجعلك تهرب داخلك وانت تعرف حجمك الحقيقي ثم يخترق اذنيك دوي الرعد ليأتي علي البقية من الكبرياء العلمي الحديث، تسجد لله داخلك فأنت تحتاجه حقيقة في اي وقت ولكننا نطغي احيانا حين نجد انفسنا مستغنين عن الله


هنا في غانا يتساوي كل البشر في وقت المطر، فانت لديك نفس الشعور سواء كنت تجلس في التكييف، ومولد الكهرباء يكفل لك استمرارية للتيار، او كنت تجلس في الظلام تحت سقف صفيح صدئ تخترق الامطار بعض الثقوب فيه او نقط التواصل


غانا تبعد خمس درجات عرض عن خط الاستواء، حر رطوبة مطر ولكن من يعش في القاهرة لكن يكون عليه صعب ان يعيش هنا الا من اشعه الشمس العمودية القريبة والكفيلة بان تغير ملامحة ولونه ليتساوي الكل تحت شمس واحدة


غانا بلد افريقي فقير عاني من الاحتلال الانجليزي فترة طويلة وكان يعتبر ساحل الذهب بل كان ذلك اسمه في الماضي، نال استقلاله ثم دخل في عصر من الصراعات لتنتهي ببداية عهد جديد من البناء والتقدم


ورغم انها لا تزال في بداياتها النهضوية لكن اعتقاد الشعب الغاني عن نفسه لا يجعلك تشعر بهذا، لا تدري كيف الزم هذا الشعب الافريقي الاستوائي بهذه القيم الحضارية رغم فقره رغم حداثة عهده بحضارة، قد يكون جده ساحر القبيلة او راقص علي الة افريقية قديمه وسط ساحة القرية او كان يضع عظمه في انفه ويتدواي بالسحر


هنا في غانا الشوارع ضيقة لكنها نظيفة تماما، حينما القي مصري بمنديل من زجاج السيارة قال له السائق بكل تهذيب لاتلقي بشيء في الشارع، ساعدنا علي نظافة غانا


هنا في غانا توجد كثافة مرورية عالية جدا، سيارت حديثة رخصية وطرق لا تزال تخضع لعملية التوسيع، لكن تجد احترام مبهر لقواعد المرور، وكل يلتزم حارته المرورية حتي لو كانت اكثر من 2 كيلو متر والحارة الاخري خالية من السيارات، لك ان تتخيل لو حدث اي تتجاوز او عدم احترام لاشارة المرور كيف يكون المشهد


هنا في غانا اول شيء يقابلك في شخصية الغانيين هي مدي افتخاره بكونه غاني، دون انبطاح او استسلام او شعور بالدنو، انت تأتي لبلدي كي تبني لي مستشفي او تنشأ لي محطة كهربا، فانت مجرد مستثمر تأتي بحثا عن المال، ولست انت صاحب الفضل في اختراعها واصبر عما قليل ستجدنا رائدين في ذلك المجال


هنا في غانا امراض مستوطنة، مالاريا وتيفود وشياء لا اعلمها ولكن الوعي الصحي هنا موجود وبقوة، حينما تقف لتشتري اناناس من الشارع، تقوم سيدة بتقطيعه لك لا تلمس اي شيء بيديها، هي تستخدم سكينا للتقطيع وفي اليد الاخر تلبس كيسا من البلاستك ككقفاز تلتقت بيه قطع الاناناس وتسمله لك ومعه خله اسنان تأكله بها، وبالمثل ثمرة جوز الهند والقصب والبرتقال، لا تلمس اي شيء بيديها حتي تضمن عدم تلوثها


هنا في غانا تجد الشباب الذي لا يعمل في اشارات المرور، يبيع لك اي شيء وكل شيء، لدرجة انك تستطيع ان تجهز شقتك من اشارات المرور، ويمتاز هؤلاء الشباب بالامانة حيث انها رصيدة الوحيد، فلو غشك في سلعة او حتي كارت شحن فقد خسر وظيفته
احترم هؤلاء الشباب والفتيات الذي قد يقف لساعات يجري علي السيارات ليبيع اكياس مياة او كارت شحن او جريدة او موز


هنا في غانا بعد كل هذا المطر العنيف في الصباح لن تجد له اثر، صمتت كل طرق المدينة لكي تحتمل اي كمية مياة، هناك في كل طريق مهما كان ضيقا ممر مائي تصرف فيه المياة، لو نصف ساعه من هذا المطر سقطت في مصر لتوقفت الحياة فيها لمدة اسبوع


هنا في غانا الطبيعة خلابة وجميلة، هنا السحب منخفضة فتراها كانها ثلاثية الابعاد، المحيط الهادئ ونهر الفولتا والغابات والمحميات الطبيعيه، بلد سياحية بالدرجة الاولي


هنا في غانا العملة الرسمية هي السيدي، والسيدي باربع جنيهات مصري، ويتكلمون الانجليزية كلغة رسمية للبلاد حيث ان لديهم اثني عشر لغة محلية
المسلمون هنا ثلاثون بالمئة ولكنهم الافقر والاقل حظا في التعليم، وللاسف الابعد عن تعاليم الاسلام، في حاجة ماسة للاهتمام والرعاية


هنا في غانا تجد البنانيين في كل مكان، هم متواجين في البلد منذ اكثر من مائة عام
هنا في غانا تجد الموز والاناناس وجوز هند والبلانتين-ده شبه الموز بس علي كبير شوية وده بيتقلي زي البطاطس


طرانشات او بيتشوي زي البطاطا- والكسافا والبطيخ والمانجو والكثير من الفاكهة التي لها طعم استوائي



اخيرا تعلمت من غانا اني انظر لروح الانسان قبل ان تشغلي ملامحه او لون بشرته، لم تعد نظرتي للانسان علي حسب لونه، فقط بطل هذا التمييز الغربي الذي طالنا نحن المسلمين، هو ان تري ما يفعل وما يقدم حينها تقرر ان تحترمه او تسحب احترامك حتي ولو كان امهقا.


Thursday, March 31, 2011

شعب ما بعد الثورة

كتب الله علي اليهود في مصر أن يتيهوا في الارض اربعين سنة محرومين من الكرامة والحرية بعد ذاقوا العذاب الوانا علي يد فرعون مصر الذي اذلهم ذلا لم تكن تجدي معه اي من ايات الله الخارقة كفلق البحر وهلاك الفرعون نفسه وتفجير العيون والمن والسلوي، لم يصلح ذلك من نفوسهم المريضة التي صارت لديها قابلية للذل والاستكانة حتي بعد ان زال الحكم الظالم المستبد، كان الحل الوحيد هو ان يتيهوا في الارض حتي يخرج منهم جيلا اخر لا يحمل امراض الجيل الاول الذي فسدت فطرته


وفي زمننا هذا كان هناك طاغية اخر أتت به ثورة سابقة-صارت ملامحنا تتلون بالثورات فقط- رغم ما يحسب له وما فعل الا انه طغي عذب نصف الشعب وارهب الباقي وهكذا وجدنا اباؤنا –ابناء ذلك الجيل التعس-يأمروننا ان لا نمشي جوار الحائط فقط بل ان نمشي داخلها من خوف تراكب داخل نفوسهم وصار عقدة معقودة بالجبن والخبز


واحتجنا لذلك كما هو الحال مع المصريين ان نعيش اربعين سنة كاملة في عهد السادات ومبارك حتي يخرج جيلا اخر، لم يعش سنين البطش وان كان عاني من اثارها قرر ان يثور علي الظلم بعد ان حطم الاصنام في صدره وبعض الاصنام التي في صدور اهله من الله علينا بان جعل من هؤلاء الشباب قفازا لقدرته كي تسري في مصر سنة التدافع بعد ان ثبت المشهد المؤلم كثيرا فخسرت مصر وخسر العالم الاسلامي والعربي طيلة تلك العقود الملونة بالظلم والخيانة


وكانت ثورة 25 يناير التي غيرت ملامح ذلك الشعب وبدلت في خريطة مصر حتي اوشكت ان تغير مسار النيل وان كان حدث اصعب من ذلك وان كانت ثورة يوليو افرزت نظاما ديكتاتوريا مازلت اثاره تحيا في النفوس الا ان الوضع في ثورة يناير يختلف تماما، فالثورة السابقة قام بها ظباط جيش فقط في حين كان الشعب في غفلة من الحياة ومن العالم، فكان طبيعيا ان يكتشف -الملازم اول- انه ولاول مرة اصبح سيدا لهذه الارض ولهذا الشعب فكيف لا يطغي او كيف لا يستبد وهو يري ذلك الشعب الساذج الجاهل بما يحدث في العالم من حريات او نظم جديدة


اما ثورة يناير فهي الثورة الحقيقة، هي ثورة الشعب نفسه، بدأت بالشباب الذي خرج معظمه دون علم اهله ثم اضطر جيل الثورة الاولي ان يتفاعل مع الثورة الجديدة ويفرح بالحرية وان يداري داخله اصنام الخوف داخله


وكانت من اهم اثار ثورة 25 يناير علي الشعب المصري هي ان جعلت منه شعبا سياسيا ولاول مرة فصار يتكلم الناس بكل اطيافهم بكل حرية في السياسة، وتعد هذه من اهم مكاسب الثورة فقد تم علاج الشعب من الكبت والاكتئاب

قد ينقص الناس الخبرة السياسية الحقيقية ولهم العذر في ذلك واعتقد انها مسألة وقت


واصبح الشعب المصري معارضا ولاول مرة ايضا منذ زمن، لم يعد ذلك السلبي المستسلم المستكين والامر الذي سيأخذه في الاعتبار اي مسئول يحكم مصر من ان تسول له نفسه في اي يحيد او يظلم شفي الشعب من الخوف المعتق من زمان الثورة الاولي حتي تنجح علي يديه ثورة جديدة حقيقة بداية لعهد جديد قادم


واخيرا من اهم ملامح شعب ما بعد الثورة هو الامل، واستطاع الامل الذي بثته الثورة في الشعب ان يغير من نظرته السوداية اليائسة البائسة لنفسه وللبلد، صار هناك املا كبيرا في نفوسهم قادرا علي ان يبني ويعمر ويجعل مصر من اولي الدول تقدما وحرية، وان تعود مصر مرة اخري تقود المنطقة وتؤدي دورها العظيم الذي انشغلت عنه في سنوات التيه


شعب ما بعد الثورة هو الضمانة الحقيقية للثورة، صار مستحيلا ان تعود مصر كما كانت فقد انكسر القيد وبرئ الشعب من امراضه واكتشف نفسه مرة اخرى.

Wednesday, March 30, 2011

تسمم سياسي

ظننا ان يوم 25 يناير او يوم 28 جمعة الغضب هو يوم ولدت فيه مصر من جديد، ولكن الحقيقة ان الذي حدث هو التلقيح، بداية الحمل فقط، ولكن كان هذا الحمل حملا حقيقيا ولاول مرة منذ قرون، علي يد شباب عفي تجري في عروقه اكسير الفتوة والعنفوان وكان حملا شرعيا بعد ان كانت تحمل مصر حملا كاذبا علي يد قله متصابية جلودهم باتت غليظة حكموا مصر ولم يكتبوا لها حتي ورقة عرفي


وكان الاستفتاء هو اختبار الحمل الذي اعلن للعالم ان ثورتكم كانت مباركة، كانت شرعية حقيقية بكل ما تتستطيع ان تتحمله الكلمة من معان


ولكن مصر لانها ظلت عقودا كثيرة عبدة لاستعمار خارجي او لمن باركهم الاستعمار في الداخل فهي حديثة عهد بحرية، كان الامر يحتاج الي حكماء مخلصين للوصول بمصر لبر امان بلا اي خسائر


وحدث مالم نتوقعه يوم أن نزلنا للتحرير ولم يكن عندنا امل في الرجوع، ها هي ذي ثورتنا التي ابت الا ان يقدم لها دماء الشباب الذكي الطاهر حتي تنجح، هي نفسها تكاد تتعثر، ويكاد يذهب معاها كل ما دفعناه وكل ما حلمنا به

واعتقد برأيي ان اسباب التعثر او التسمم الذي اصاب مصر وفي وقت حرج نريد فيه الحذر والذكاء هي ابتداءا من اعداء الثورة التي قضت الثورة علي عزهم او ذلت انوفهم اتخيل الان بل اكاد اراهم هؤلاء القلة الذين مازالوا احرارا حتي الان جالسون في بيت بعيد عن القاهرة يلتفون حول مائدة في غرفة شبه مظلمه يستغلون معرفتهم بالشعب المصري الذين درسوه سنينا طويلة ويخططوا لاجهاض هذه الثورة وحتي وان لم يعودوا فقد حصلوا علي الانتقام


كانت اول اسلحتهم هي السلاح الذي بلي من كثرة الاستخدم، كان هو الفتنة الطائفية، رغم ان الناس بانت لهم الحقيقة في ايام التحرير، ورغم ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فإما انهم اجادوا تمويه الجحر او ان الارث الثقيل مازال داخلنا


كان يجب ان نكون اذكي من ذلك لنفوت الفرصة عليهم، مشكلتنا لم تكن مع الاقباط من الاساس بل كانت وسيلة تمويه، احسب اننا لو وصلنا بمصر لتكون بلد امن عادل حر ستنتفي كل تلك المشاكل فورا نعاني ايضا في هذه المرحلة العصيبة بالتشتت، واعتقد ان ذلك ليس بسبب المؤامرة بل بايدينا نحن، واستطيع ان اجمل هذه الاسباب في عدة نقاط १

1- نحن ندعم فلسطين ولكننا لسنا في وقت يسمح لنا بدخول حرب مع اسرائيل وشن حملات نفسية او عملية تعبئة معلنة للحرب، هذا وان كنت اتحمس له كثيرا ولكن هذا يبعدنا عن قضيتنا الاساسية التي لو فشلت فستكون اسرائيل هي من تدخل معنا في حرب، نريد التركيز والتعقل هي خائفة الان بما يكفي، ونحن نخشي ان يتحول ذعرها لرد فعل عصبي


2- نحن لا نزال نعاني من فكرة الشخص الرئيس، نحن متعلقون بشخص، متي نتعلق بفكرة ، نتعلق ببرنامج انتخابي او قواعد محورية نختار علي اساسها، نهدر وقتنا وطاقتنا في الهجوم او الدفاع عن مرشحي الرئاسة الذين لم يترشحوا اصلا ولم يقدم اي منهم اي برنامج، هذا ليس وقته الان


3- فرحت بكمية الجروبات والصفحات المحلية علي الفيس بوك، كل منطقة في مصر الان لها صفحة علي الفيس بوك تهدف الي عمل اصلاح داخلي في المكان وتجمع الشباب لاول مرة وهذا مكسب منمكاسب الثورة ولكن اخشي ان هذه الجروبات اصبحت تستغرق منا وقت كثير جدا، تخيل ان كل واحد سيجد في دوائرة اكثر من 5 جروبات في معظمها كلام وحكايات ومعظمهم ايضا جاء بعد الثورة هو يري شيئا جديدا ولكن لم يتعب فيها ولم يصب او يعرض نفسه للخطر، هو لا يشعر بالمسئولية الخطيرة لكونه واحد من ابناء هذه الثورة المباركة، فرجاء عمل تقنين لهذه الجروبات وعمل قوانين محدده تقلص الفاقد في الطاقة والوقت وحصرها في العمل فقط والعمل المفيد


4- بالنسبة للهجوم علي بعض الجماعات او الاحزاب اقول لهم قد يكون معكم الحق في الدفاع عن انفسكم في التهم التي توجه اليكم بحق او بباطل، ولكن يجب ان تكون مصلحة البلد هي اهم، لا يصح ان ننفق وقتنا ندافع عن انفسنا وعن مواقفنا النبيلة في الثورة او ما فعناه قبل او بعد حيث ان الثورة نفسها قد تضيع منا، نركز الان في العمل ثم نتحاسب لاحقا واظن اننا لو نجحنا فكل الحقيقة ستظهر وسنعرف من الذي ضحي ومن الذي خان


والله الموفق نريد ان نعود مرة اخري لصفحة خالد سعيد وشبكة رصد، نريد ان لم نعد الي التحرير فلتعد الينا روح التحرير، الشعب الذي علم العالم كيف تكون الثورات يجب ان يبين لهم كيف تكون المحافظة عليها

Thursday, February 10, 2011

مصر تولد من جديد


من الرائع ان نشهد بعد عمر طويل من الاحباط مشهدا عشنا نحلم به منذ وعينا علي الدنيا ، اقصد بهذا كل جيلي من الشباب
اول مرة نري مصر بلدنا التي لا يعرفها البعض الا في مباريات كرة القدم او افيه مسلسل رافت الهجان عندما يقول لك احدهم متصنعنا الجد : مصر محتجالك يا رافت
الان نري مصر تولد من جديد وعلي يد هؤلاء الشباب الذي فاق كل التوقعات وخالف كل الظنون اذ به يخرج من بين ثناياه قوة وطاقة وارادة ونضج كان من المستحيل التكهن بها
مصر الان تولد في مشهد بديع يفجر في داخلك شعور جارف باالانتماء لهذا البلد، ويسمح لك ان تعود مجددا ان تفخر بانك مصري بعد ان كانت مصر بنظامها وسياستها دوليا وداخليا يسيئون لمصر نفسها
الان تقول بكل فخار محمود انا مصري وسأصنع مجد هذا البلد بيدي لتعود مرة اخري درة العالم الاسلامي ولتقود العرب من جديد نحو التقدم والنصر
كانت كل الاقلام تكتب الي عهد قريب عن الحل الوحيد لان تعيش حياة سوية كريمة انت وابنائك وان لا تذل في سبيل لقمة العيش هو ان تسافر ، ان تهاجر تاركا هذا البلد لاصحابه الذين استولوا عليه
تترك هذا البلد الذي لم نعد نشعر فيه بانه لنا وانه لم يعد يحبنا او يقبلنا
فلنذهب لاي بقعة في العالم يحترم في الانسان حتي ولو كانت في اقاصي الارض ولتكن هجرة دائمة بلا رجعة
منذ اقل من اسبوعين وعلي يد هؤلاء الشباب صار هناك حلا اخر ، حلا اكثر كرامة وادمية ، يحفظ لنا كرامتنا امام العالم ويعيد لنا امننا في وطننا
سنبقي في هذا البلد، بلدنا نحن وليس بلد رجال الاعمال ولا رجال النظام، هي بلد كل مواطن شرب من ماء النيل الذي لوثوه ، وتنفس الهواء الذي ملئوه بالعادم واكل من طعامهم المسرطن
هي بلدنا وسوف تعود لنا مرة اخري تفتح احضانها بدلا من معتقلاتها وتظللنا بالورود بدلا من سياط الظلمة
الي كل اليائسين والمحبطين ان كنتم صادقين في بكائكم علي مصر وعلي حال الناس فلتهب معنا نعيد بايدينا كرامتنا التي ضاعت منا علي ايدي مخبر او امين شرطة في شارع او قسم شرطة
ولتكن مظاهرات سلمية طويلة كبيرة لشعب طال حصاره واستمرئ تعذيبه وتمرغ في الذل للحصول علي لقمة العيش مغمسه في الوحل ولنفضح هذا النظام لنفسه وللعالم ، لا احد يريدهم ارحلوا عنا
والي المعتقدين بان التغيير لا يتأتي بالاحتاجات والمظاهرات وانما يأتي بان يغير المرء نفسه ثم يغير من حوله ثم فجأة تجد ان المجتمع كله صار صالحا ومثاليا
نقول قد جربنا هذه الطريق كثيرا ولم تفلح حتي الان ليس لعيب فيها ، فان كانت تصلح في زمن ما او مكان ما فلن تصلح في بلدنا، حيث ان المشكلة ليس في الشعب فقط وان كنا نعترف بكل الامراض المستوطنه فيها ولكن هناك عاملا اخر يكرس هذه الامراض ويضمن وجودها دائما
عاملا اخر من القوة بحيث يهدم كل ما تبنيه في لحظة وفي نفس الوقت لا يمنع وجودك
هذا العامل هو النظام بكل ادواته واعلامه وصحفه واجهزته الامنية ، يتركك تعيش في وهم البناء ثم يهدمه من اساسه لتعيد البناء من جديد او ينزع الفاعليه من انتاجك فلا تتعدي خطا قد رسمه لك
لا نقلل من افكاركم ولكنها فقط لا تصلح وحدها يجب ان نزيل العنصر الفاسد الذي يضمن بقاء الميكروب في الوطن
العنصر الفاسد الذي يحتويكم ذكاء فتكونوا جزا من مخططه وانتم لا تشعرون وتأكدوا انه حيث يستشعر الخطر من وجودكم علي نفسه سيبدأ بتصفيتكم
هيا بني قومي اصنعوا مجدكم بايديكم ولتظفروا بحريتكم وكرامتكم بانفسكم فالله معنا والله لا يرضي بظلم او يرتضي ظالم يسموكم سوء العذاب
بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)