Saturday, April 26, 2008

الرجل الذي صار نملة


كان منذ صغره يهوى قتل النمل والتلذذ بتعذيبهم وسجنهم او اغراقهم في الماء ،كانت امه تنهاه مرارا ولكن يبدو أن صرخات النمل التي يتخيلها ولا يسمعها تبهج قلبه وتملؤه بشرا وسعاده .

وذات يوم رأى سرب من النمل يسير في وداعة وأمان

طار قلبه وحلق في الفضاء من الفرحة

واقترب من السرب ورأه يحمل على ظهره شيء عجيب ولكنه لم يعبأ به

وقال لنفسه : يبدو أن اليوم مليء بالقتلى ها ها ها ها .

ومع ضحكاته العالية طارت خمس نملات في الهواء لخرجن عن السرب ،وبدا ك "موسوليني" و "هتلر" وعيناه تبرقان قبل القضاء على خصومه.

بدأ اولا بوضع الحواجز أمامهم فغير السرب مساره لليمين فبادر بوضع حاجز عن اليمين فغير السرب اتجاهه للشمال وهكذا دواليك
وبعد ان مل خلع حذائه وبدأ يمارس هوايته المفضلة في قتل الابرياء لمجرد انه يهو ذلك

وعد أن أجهز علي نصف السرب الذي يمتد لاربعة امتار شعر بوخزة في في قدميه فوجد نملتين يحملن ذلك الشيء العجيب
ضحك حتى اسمع الجيران وقال :انتم اذن فريق الهجوم ،اذن فلكم معاملة خاصة :سأعلمكم السباحة في وعاء كبير

بالفعل نهض متجها للمطبخ ولكنه شعر بأن وعيه بدأ يسيل منه ، امسك بمقعد أمامه لكنه لم يتمالك نفسه ، ضباب كثيف أحاط بعلقه
سقط علي الارض ولم يدر أي شيء بعدها

شعر وكأن هناك من يقيد خلايا مخه برباط سميك ويعتصرها بشدة ،وكأنه يسبح في اللامعني في اللاشيء حت سمع صوت غريب يقول : يبدو انه بدأ يفيق أرسلوا للمكلة تأتي حالا

فتح عينية بصعوبة ليجد نفسه في تجويف كأنه مغارة في جبل ولكنها رطبة للغاية واتسعت عيناه حينما رأى نملة عملاقة بحجمه تقريبا تقف عي قدميها الخلفيتين وترتدي معطف ابيض وتنظر له بوجهها البشع ورأي نملتين عملاقتين تقيدانه في قسوة
ابتلع ريقه في صعوبة وقال والكلام تهرب منه الحروف : أين أنا ؟!أين انا ؟!!!!! هل أنا احلم ؟!!
قالت النملة ذات المعطف الابيض : بل هو واقع ،أسوء واقع ممكن أن تعيشه لو اردت رايي

قال بصوت مبحوح : أين أنا ؟ وكيف أصبحتن بهذا الحجم العملاق؟
قالت النملة : اما السؤال الثاني فاجابته ان حجمنا لم يتغير بل انت الذي اصبحت في مثل حجمنا حتي تصير الحرب عادلة ، اما السؤال الاول فانت في بيتك وبالتحديد في نتوء متواري في بلاعه حمامكم!!!!
لم يتمالك نفسه فأفرغ كل ما في معدته من شدة القرف الذي صار فيه وقال في هلع : كيف صغر جسمي هكذا؟
قالت في هدوء : هذا هو تخصصي ؟ انا الدكتورة "نمولة" اكبر عالمة احياء في المملكة استدعوني خصيصا لتحضير ذلك العقار الذي صغر حجمك والذي حقنتك به أشجع نملتين في قدمك وأنت تلهو بقتل اخوتنا وابائنا
وفي تلك اللحظة دخلت الملكة العملاقة وحولها النمل يحمل ثوبها الطويل ، توقع أن يضرب النمل الارض بقدميه ويهتف "هايل نملة " ولكن شيئا لم يحدث ، يبدو انها متواضعة للغاية
جلست الملكة في مقعد وثير امامه فأسرع يقول كأنه يدافع عن نفسه :أنا ..أنا لم افعل شيء!!
قالت الملكة وهي تبتسم : احفا لم تفعل شيء ؟
قال وقد بدأ ينهار : صدقيني لم أفعل شيء
قامت الملكة وقالت في قوة جعلت الدماء في عروقه تجف : ودماء أخواننا التي اهدرتها بحذائك الحقير في لامبالاة واخواننا الذين كنت تتسلى بتعذيبهم واخواننا الذين في المعتقلات ولا نعلم عنهم شيء هل ماتوا ام لايزالون احياء وهو بلا طعام أو شراب
قال وهو يكاد يبكي : صدقيني لم اقصد ،انتم الذين كنتم تفسدون كل شيء العسل والسكر والحلويات الني كنت احبها لذلك كنت اضرب بعضكم
قالت في صرامة : كاذب ، بل كانت سادية منك تتلذذ بتعذيب وقتل الاخرين لمجرد أنك أقوى منهم
هل الحياة لاتساوي عندك أي قيمة حتي تتلذذ بإهدارها، هل الكرامة عندك لا تعني شيء حتي تستمتع بأذلالها؟ّّ!!!!
وقبل أن يتكلم تعالت صفارات الانذار تولول كنائحة تعرف ما ينبغي عمله وارتفع صوت الملكة أمره :شغلوا الشفاطات وليرتدي كل منكن قناعه
هتف في هلع :ماذا يجري ؟ ماذا يحدث ؟
قالت احداهما من تحت القناع : بدأت حملة المبيدات ، يبدو أنهم لا يتعلمون ابدا ،هذه المبيدات تعمل تطهيرا للجو وتنقيه من الطفيليات الضارة ،هؤلاء الحمقي يظنون انهم يلحقوا بنا الاضرار
قال في رعب : اعطوني قناعا ارجوكم سأموت من المبيد
قالت احداهن : لا تقلق هذا المبيد لن فقط
وبعد قليل سحبت الشفاطات كل المبيد الذي بدأ ينقشع تدريجيا لتتضح الرؤية وتخلع كل نملة قناعها.
احضروا للمكلة كأسا به شيء لزج فوضعت فيه مماصاتها حتي اجهزت عليه ثم قالت : تعرف مع كل ما تفعله معنا الا انك تسدي لنا خدمة جليلة
انت تعمل علي تمحيص المملكة ، كل نملة ضعيفة خائفة تخلصنا منها فلا يببقي الا الشجيعات القادرات علي تحمل الاعباء والمسؤليات ولكن هذا لا يمنع أن هناك نملاوات شريفات قمت بقتلهن أو اصابتهن بعاهات مستديمة
ولكن لن احكم عليك بل سأترك الامر للقاضية تحكم فيه بنفسها
قامت القاضية وهي نملة عجوز يبدو عليها والحكمة –لا ادري كيف- وقالت : كنت اود يا سيدتي كما تود كل نملة في المملكة ان تقوم به بأعدامه او اغراقه كما كان يفعل بأخواتنا ولكني اراي انه من الحكمة ان ندعه يرحل ليخبر كل سادي متجبر انه ليس معني ان تكون كبيرا ان تدهس من هم اصغر منك
وان هناك حتما من هو اكبر منك وان كنت اكبر مخلوق فتذكر ان الله الخالق اكبر من كل شيء
صممت الملكة قليلا تفكر ثم قالت :وإن عاد؟
قالت النملة العجوز : لا تقلقي يا مولاتي فهو يعرف كيف نأتي به وساعتها سنقوم بأستفتاء كبير علي افضل طريقة لقتله
تمتم في صعوبة : شكرا
اشارت الملكة للدكتورة نمولة فتقدمت وهي تمسك بمجقن ملئ بسائل عجيب ،امسكت ذراعه في قوة وافرغت المحقن فيه وفقد الوعي علي الفور ليفتح عينيه ليجد نفسه نائما علي فراشه وهتف وهو يتحسس جسده : الحمد لله
لم يعرف هل كان ما رأه هذا حقيقيا ام وهم عاشه
ولكن لم يعد يهمه أن يعرف فلقد تعلم درسا بليغا لن ينساه بسهولة.
انتهت

اعتقد انه قد انتهت مرحلة الرمزية في حياتي
لا الوقت ولا الاحداث تناسبها الرمزية رغم انه قد فلتت مني كثيرا لتصبح واقعيه باسقاطات صارخة

نعم لقد حان الوقت ليصرخ المرء بكل قوة ان كفي
بكل قوة وبكل تصريح
لم تعد التورية تفيد
او الاسقاط
انتهي زمن كليلة ودمنه وجاء عهد كلمة حق عند امام جائر

ولكن هذه المرحلة تريد حكمة وتعقل

ولذا ستكون هناك حلقات مع الشيخ طلبة في المرات القادمة

8 comments:

abdo said...

السلام عليكم
رائعة ما شاء الله
جزاك الله خيرا
وكفى

وجهة نظري said...

جميله القصة وذات معني كبير، بس يا هل تري الأدمي حيفهم علطول حياة النمل؟

FadFadA said...

يقول أحمد مطر
مائتا مليون نملة
أكلت في ساعة جثة فيل
ولدينا مئتا مليون إنسان
ينامون على قبح المذلة
ويفيقون على الصبر الجميل
مارسوا الإنشاد جيلا بعد جيل
ثم خاضوا الحرب
... لكن
عجزوا عن قتل نملة !0
تفقأ العزة عين المستحيل
تصنع العزة للنملة دولة
ويعيث النمل في دولة إنسان ذليل!

محمد

بنت الصالحين said...

ماشاء الله بجد
احسنت وكفيت ووفيت ربنا يباركلك وكلنا نفوق

ربنا يرحمنا برحمته

son's egypt said...

السلام عليكم
احلي ما في الموضوع القاضية اللي حكمت بمنطق اذا كان هناك كبير هناك اللي اكبر منك
ولم يتغلب عليها نزعتها الانتقامية
بل تركته يتعلم مما حدث له

Fahd said...

عبدو
وعليكم السلام يا ااخي

جزاكم الله خيرا

ويسعدني مرورك دائما



وجهة نظري

اشكر لك مرورك اولا وهذه الكلمات الجميلة وبالنسبة لسؤالك دي قصه رمزية ليست واقعيه وهي تفهم كذلك

Fahd said...

اخي محمد

يعلم الله كم يسعد القلب بمرورك عندي ثم هذا الخير الذي تحمله معك

اذكر ان هذه المرة الثانية التي تأتي باحمد مطر معك فيها

جزاكم الله خيرا





عاشقة الفردوس

ربنا يكرمك ويسعدني مرورك دائما







ابن مصر

مشكور يا اخي

ربنا يكرمك طبعا القاضية هي كانت المحور او النقطه الفاصلة في القصة او الهدف

Anonymous said...

حقا كما ختمت أبدأ... لامكان للرمز بيننا !! لأن الواقع اصيح مفضوحا أمام الأعمى و البصير .. أو كما يقول المثل إلي اختشو ماتو
شدني جدا نقطة التنقيح من النمل بحيث
لم يتبقى الا الأقوياء
و هذا ما يحدث في واقعنا الأن
فاللهم أرزقنا الثبات


... حلو أوي إن القاضية و الملكة
نملات و ليسو نمل....


جزاك الله خيرا