Saturday, March 27, 2010

حمامك منبرك السياسي

ياله يا جماعه ياللي جوه بسرعه"
يا ناس المكان ده مش للنوم
يا خونا في ناس حالتهم صعبه قوي
بسرعه يا جماعه


هكذا تنطلق الاصوات الغاضبه والتي تكاد ان تحطم الباب الخشبي الرقيق الذي يقف وراءه ولكنه لا يعبأ بهم انه لا يهتم انه الان في مهمه وطنيه في مهمه يحتمها عليه انتمائه لهذه البلد التي يحبها من قلبه نعم يحبها حقا ولكنه لا يستطيع ان يعبر عن كل ما في نفسه يري احيانا اوضاعا كثيره خاطئه ويريد ان يتكلم يضرخ يهتف بالناس ولكنه لا يستطيع فهو يعرف ما هو الثمن الذي سيدفعه علي كلامه هذا
هو يعلم انها ظاهرة غريبه بل وخطيره ايضا وهو يعلم ايضا ان تشويه ابواب الحمامات في الميادين والمصالح العامه امر بشع ولكن هذا هو الحل الذي اهتدي له
هذا المكان الذي يرتاده معظم الناس ويجبرون علي قرأة ما يكتب فيه وهم جالسون في الوضع المقابل له تماما
هو يعلم ايضا ان علماء النفس سوف يتحدثون عن هؤلاء الذين يكتبون خلف الابواب المغلقه سيقولون كلاما كثيرا عن الكبت والضعف والجبن عن عدم المواجهه سيتحدثون عن هذه الامراض النفسيه الخطيره التي اصابت مجتمعنا المصون ولكن من قال ان مجتمعنا ليس كذلك ومن انكر اننا جبناء ونعجز عن المواجهه
هو يعلم كل هذا ولكنه لا يهتم لديه هدف اسمي يصم اذانه حتي عن تلك الاصوات الغاضبه في الخارج والتي اوشكت ان تهشم هذا الباب لقد صارت له هذه الابواب منبرا سياسيا يعبر فيها عن ما يراه ولا يقدر ان يتحدث عنه
هو لايحب الظلم ولا يطيق ان يراه ولكن عندما يري الذين نهبوا ونصبوا والذين طغوا وافتروا والذين باعوا وخانوا لا يقدر علي الصمت
حينما يري الفساد المنتشر ويري الذين يهربون بأموال هذا الشعب المحروم منها ويفرون الي الخارج
عندما يري الواسطه والمحسوبيه والكوسه والتي هي سيده الموقف فهو يحزن ويالم ولا يملك ان يخرص

يا جماعه الناس تخلص بسرعه
اللي فاهم ان ده بيت ابوه يبقي غلطان
هو الاخ الواقف وراء بالباب بقاله اكتر من ساعه بيهبب ايه
الحمامات دي معموله علشان تسعف الناس مهياش امكان استرخاء

هو يسمع كل هذا ولكنه لايعبا به مازال بداخله الكثير والكثير حينما يري ان الفئة الحاكمة والتي تلعب بمقادير هذا الشعب المسكين من بطش وجبروت واستهزاء بهم وتزوير واستبداد فحينها يجب ان يتكلم يجب ان يكتب في كل حمامات القاهرة الكبري بل ويجب ان ياخذ جوله يطوف بها جميع حمامات مصر
حينما يري الامن وما يفعله في الناس والضرب والاعتداء والاعتقال والقهر والاذلال
حينما يري العري المنتشر وهذه الافلام البذيئه والاغاني التي تصور في غرف النوم واحيانا في الحمامات حينما يري شباب امته وهو يتعاطي هذا الكم الهائل من هذا التلوث الذي يدمره ويلهيه عن اماله واحلامه ونهضة بلاده
حينما يري امريكا تمرمط في العراق وتقتل الناس في افغانستان وتسمح لاسرائيل ان تفعل ما تشاء بالفلسطنيين ويري حكامنا العرب في لهوهم يتمخطرون
حينما يري كل هذا يجب ان يكتب ويكتب ويكتب
هذه ليست دعوه للناس ان تتخذ الحمامات منابر سياسيه هذا وضع مرضي وهو يعترف بذلك وهو يحلم باليوم الذي يقوي فيه شعبه ويتكلم ويخرج من هذا الصمت الجبان او هذا السكوت المخزي ولكن لحين ذلك اليوم هو لن يترك حماما الا وكتب فيه يبصر الناس بواقعهم الذي يعيشون فيه حتي لو امتزج هذا بالروائح البشعه التي تنتشر في المكان او حتي بكل هذه المناظر الشنيعه المنثوره حوله
نشر هذا المقال في احد حمامات القاهره الكبري

Monday, March 15, 2010

دعوة للتدخين


يسير في ثقة ..يرتدي ملابس انيقه .. يشيع حوله ابتسامات في كل الجوانب.. تفوح منه رائحه عطر قوية..كان يتهادي في مشيته في حين امتدت يده لجيبه لتخرج علبة السجائر المدهبه والتي يتخللها خطوط فضية رقيقة .. وفي رشاقة امسك بقداحته التي تتناسق في الوانها مع علبة سجائره واشعلها ثم اخذ نفس عميق ملأ به صدره وهو يغمض عينيه شاعرا بحرارة الدخان تتغلغل في صدره ثم يخرجه من فمه صانعا سحب من الدخان التي تتلوي وتكون اشكال كان ينظرها في تأمل وهو مايزال يسير والناس تنظر اليه في اناقته وشياكته ورشاقته وفي تدخينه الذي ينم علي المهارة والخبره
كان يشعر بالثقة كلما اشعل سيجارة ويشعر كأنه يمتلك هذا الدخان وكان هذا يزيد من شعوره برجولته وقوته بين الناس يبدو انه كان نقصا ما في شخصيته استطاع ان يخفيه تحت سحب الدخان الكثيفة التي تخفيه عن اعين الناس الناقدة
كان يشعر انه يملك الدنيا وانه الأقوي والأفضل والأسعد
كان يسير في طريقة حتي قابل صديق له لم يره منذ فترة طويله ولدهشته وجده يتصرف بثقة وحضور وقوة وعندما عزم عليه بسيجارة من علبته المدهبه
نظر اليه صديقه بدهشة وقال : ماهذا؟ انا لا أدخن ولا ادري لماذا يدخن الإنسان
ابتسم من كلام صديقه وكأنه يعلم مالا يعلمه المسكين وقال: السيجارة يا صديقي تمنحك شعورا بالراحة والهدوء وتجعلك تعيش في جو جميل رائع
قال له صديقه : جميل ورائع نعم ولكنه مزيف وهم ومؤقت ايضا ثم فجأة تعود ما كنت عليه انما يا صديقي استمد هدوئي وراحتي من داخلي لا من أسباب خارجيه تتحكم في مزاجي وسعادتي
قال له في غير اهتمام : لا يهم كل ما يهمني ان اكون سعيد بأي طريقة كانت
رد عليه صديقه في صوت واثق:يكفيني سعادة وفخرا أن صدري لايزال نقيا سليما لم يدخله دخان قط ,هو كما خلقه الله وسلمني اياه ولسوف ارده اليه كما كان
طأطأ صديقه راسه وقد سيطر عليه شعور بالنقص الشديد فهو لم يعد كما كان.. لم يعد كما خلقه الله .