Sunday, November 17, 2013

لماذا قتلتُ الشيخ طلبة

كان ذلك بعد الثورة، كان جموح الشباب والثقة والانطلاق نحو المستقبل، وتمردنا علي الواقع لنصنع واقعا مغايرا لما عشناه لاكثر من ستين عاما، وسخريتنا ايضا من هذا الجيل، جيل عبد الناصر الذي كان يتبع المثل القائل جوع كلبك يتبعك، كان جيلا باكمله تابعا خائفا يسير داخل الحيط

سخرنا منهم بعد ان حملناهم كل الاوزار بسلبيتهم وتخاذلهم وخوفهم...وانطلقنا بعد الثورة ثورة يناير، ثورة الشباب نعتقد اننا قد شببنا عن الطوق ولم نعد بحاجة لاي كبير او شعر ابيض او حكمة معتقه او مغموسة بأرث تجارب وخبرات قديمة ماتت ومات ابطالها، مالنا ومالها اذن

كان ذلك بعد الثورة وانا لا اعرف الا ثورة واحدة، هي ثورة يناير، ثورة علي الظلم الكائن في هذا البلد، ثورة لم نحتاج اي تبرير كي نقنع بها العالم انها ثورة

كان الشيخ طلبة بالنسبة لي هو رصيد الحكمة الرائع الذي وددت لو تمردت عليه، كنت اريد ان اجرب معني الاستقلال بعيدا عن التوجيهات والذكريات..تركته وابحرت وحيدا حتي قبل انتهاء الدرس

وقبل ان ارحل اردت ان انهي هذه الصفحة داخلي، فقتلت الشيخ طلبة علي الورق وقتلت معه اي رغبة في الرجوع الا بالعودة بالنصر وتحقيق الامال والاحلام علي الارض تحت الشمس الواضحة

ولكن بعد مرور ثلاث سنوات علي الثورة اجدني تائها في عرض البحر.. والموج عنيف والريح شديدة واختفت الشمس ولم ارى حتي الان ارضا ثابته ولم اقابل حتي علامة تشير علي الطريق الصحيح

كان الامر صعبا علي نفسي ان اقتله ثم اعود اليه مرة اخري ولكن قررت واخذت القرار

كيف لا اعود اليه وانا اري كل شيء من حولي يتبدل ويتحول او ينهار

كل من الفتهم واحببتهم وقرأت لهم سنينا اجدهم يغيرون ويبدلون

كل المسلمات انهارت حتي ما كنا نعلمه عن العلاقات الدولية والتي اكتشفنا اننا ضحية اشتغالات دامت عقودا

من يتحكم في العالم، هل امريكا ضد روسيا؟

هل امريكا ضد ايران وهل ايران ضد اسرائيل

الخليج مع امريكا فكيف ان يكون ضد ايران في نفس الوقت

الخليج يقف الان مع الانقلاب في مصر، وامريكا تظهر عدم رضاها لما يحدث في مصر في نفس الوقت الذي تؤيد فيه اسرائيل ما يحدث واسرائيل مع امريكا، ثم نعود لنفس الدائرة المفرغه

اين نحن في هذه المتاهه، كيفك نرى انفسنا في ذلك الخضم العنيف المحكوم بالمال والسلاح والجيوش النووية والاتفاقيات التي وقع عليها بالنيابة عنا اناس خائنون يبيعونا  لقاء حفنة من الدولارات

كان يجب علي الذهاب للشيخ طلبة لافهم منه نفسية الشعب المصري وطبيعته، هل هو ساذج او حكيم، او اجتمع عليه الفقر والجوع

هل هو خبيث ام طيب ام عبيط

ما هو الحاكم لصفاته الشخصية والنفسية، كيف يخرج منه في وقت ما اروع الاخلاق وانبلها لتذهل العالم بها ثم في وقت لاحق يجعل منا مسخرة بين الشعوب

كيف يصمد هكذا بكل قوة في وجه الظلم ثم في وقت اخر او مكان اخر يهرب من عصا بيد غاشم، ولكن قبل ان يهرب يفعل شيء عجيب، قد يذهب ويقبل العصا قبل ان يهرب حافيا تجرح الارض قدميه

هل نحن خير اجناد الارض ام نحن تفرقنا العصا، ام نحن بينهم ام لا هؤلاء ولا هؤلاء ام أن كل هذه افتراءات ونحن شيء اخر يتغير باستمرار

هل نحن شعب متدين طبعه ام يتخذ الدين الذي يرتضيه ويختار شكله وملامحه ستارا له ويفعل ما يشاء ويبرر لنفسه بدينه الذي اختاره

كان يجب ان اذهب للشيخ طلبه لافهم منه، هل يوجد في مصر مشايخ وعلماء صادقين ومخلصين ام كلهم يأكلون بلحيتهم ويشربون بعمامتهم

من منهم لم تطاله اصابع امن الدولة الدنيئة فتركها تبعث به وبعقله دون استحياء او خجل

من منهم لم يخش في الله لومة لائم ويفهم عن الله مراده في خلقه، لا ان يفرض علي الناس بالباطل علاقة المحكوم بالحاكم التي صنعت من الحكام الهة صغيرة علي مدار التاريخ الاسلامي

 

احاول ان الا افقد رشفة الامل الباقية وقداوشكت ان تجف، احاول الا افقد ايماني بهذا الشعب الطيب المغلوب علي امره الخبيث الذي قد يشمت في الموت ويفرح بالدم

 

قررت الذهاب اليه لكي اتحدث فبعد الانقلاب وانهيار الاحلام اصابني الصمت والاكتئاب

وبعد موت الاصدقاء ورؤية الدم ورائحة الجثث المحترقة كان يجب ان اتعافى كي اكمل مسيرة الحياة

واخيرا كنت اريد ان اعرف سنن الله في ارضه، فالله لم يترك العالم بل معنا يسمع ويرى...لا اعترض علي حكمه او قوانينه اريد فقط ان افهم

 

كل ما سبق كان يدور في ذهني بدوي لم ينقطع وانا اسير في شوارع حي السيدة زينب تقتحم انفي روائح عديدة مختلطه، رائحة المخلل مع الكباب ثم رائحة الحبر والمفروشات ثم البسوسة والحلويات..هذه الروائح تصنع عالما باكمله في ذهني، هذا واقع رباعي او خماسي الابعاد قد لا تجده في مكان اخر

مشيت في الشوراع اتأمل الناس هذا الشعب المحير والذي في النهاية اشعر نحوه بالشفقه والاسي

وصلت للبيت القديم المصنوع من الحجر الكبير والذي تم تنكيسه منذ زلزال 92 ولكنه لا يزال يبرهن ان اتقان صناعه يتفوق علي خبرة مهندسين الحي.

دخلت البيت ولم اعرف لماذا اشم رائحة موت، يوجد في هذا المكان جو من الحزن له ملامح ورائحة، انقبض قلبي وانا اوشك ان اطرق الباب، فماذا سيكون ورائك ايها الباب فقلبي لم يعد يحتمل الموت مرة اخرى.

انتظروا التدوينة القادمة قريبا

5 comments:

واصطنعتك لنفسي said...

يااااه يا مصطفى, قلبت علينا المواجع.. ذكريات الثورة والشعب بالروعة التي ظهر بها.. ثم انحطاط البعض ولا آدميته تخلي الواحد عقله يتجنن.. لو لسه عنده شوية عقل

أولا بجد القلب لا يحتمل وجع ثان للشبخ طلبة.. تعلم جيدا كم يعني لي!! يعني التدوينة القادمة تكون أمل وحياة.. كفانا رائحة الموت التي تزكم الأنوف

برغم وجع التدوينة لكن أبهرني براعتها اللغوية وسلاستها أوي للدرجة اللي بتخليني في كل
مرة اقرأ لك أشعر بالغضب الشديد لقلة كتاباتك.. ليه الموهبة دي تصمت وأقلام واهية أخرى هي أكثر نشاطا؟!!!

كان نفسي أمسك في تلابيب التدوينة واقول لها لا تنتهي.. كنت عايزة امسك في كل فقرة واقرأ مرة واثنين وانا اتذكر كل الذكريات اللي بتحكل عنها واللي بتدوم بضعة كلمات وداخل
قلوبنا أيام وشهور ومشاعر وأحداث
..
سعيدة جدا أنك تخلصت من تمردك على الشيخ طلبة.. غالبا كده لابد أن يحيا جزء منا داخل عبائتهم.. أحيانا

abdo said...

منتظر بكل شوق ولهفة لحواراتك مع الشيخ طلبة ومشروبه المميز
:)
ذكرتني بأيام بعيدة مضت

Fahd said...

ايمان

انت عارفه اصلا ان التدوينة دي واي كتابة هي من اجلك

شكرا علي مجاملتك وتشجيعك

معاك حق فعلا القلب لا يحتمل اي وجع اخر

Fahd said...

abdo

ياه وحشتني جدا يا اخي ووحشني تعليقك

يعني لازم تفكرني بالمشروب المميز

انا قلت بعد الانقلاب الدنيا هتختلف

عصفور المدينة said...

مرحبا
علقت ايمان نيابة عني اضم
صوتي

ولو كنت لزمت الشيخ لكنت رأيت كل شيء واضحا وما خدعت وتهت