Sunday, June 9, 2013

عبر الزجاج

 

-          لمااذ لا تكتب مضي عليك زمن طويل لم تكتب، اجف لديك المعين، ام زالت عنك شهوة الكتابة

 

-          سأكتب كثيرا حين اعود

 

-          اين انت اذن

 

-          لا اعرف

 

-          كيف لا تعرف ان كنت لا تعرف، فانت هنا، انت لست في اي مكان اخر

 

-          لا انا لست هنا، اتواصل معك ولكن بجزء مني، الكثير مني ليس هنا

 

-          اين اذن، كيف تكون موجود وغير موجود

 

-          لا ادري، اكتشف فجأة ان ما هو موجود مني ليس كل شيء، عرفت اني غير موجود بالكامل حين بحيث عني فلم اجدني

 

-          كم مر عليك والكثير منك غائبا عنك

 

-          لا ادري، اشعر كأني دخلت ممرا طويل فقدت في الكثير من نفسي، ذكرياتي تحديدا وجزءا كبيرا من شعوري واحساسي بالعالم حولي، لست انا من يتكلم او يشعر او يتألم، لست انا من يفرح او يحزن، شخص اخر، او شخص غير مكتمل

 

-          كيف اكتشفت ذلك

 

-          ظللت فترة طويلة يزاولني شعور بالارتباك والحيرة، اتطلع دائما لمكان اخر لا اره، لا اشعر اني اتشبع باللحظات، تمر ولكنها لم تمر، او انها تمر ولكني افقد التركيز والاحساس بالزمن ، لا اعرفني احيانا، استغربني..بعد فترة سيطر علي شعور العزل، شعرت باني معزول، يحيط بي جدار سميك شفاف من الزجاج، اري كل شيء حولي ولكن لا اشعر به او لا يصلني منه اي شعور او احساس، ذكرياتي ايضا تم تغليفها في بلورة مجوفة لا اكاد اصل اليها...ادركت ذلك حين قابلت الماضي الذي انفصل عني، قابلته بقوة في مواجهه فاصلة بالذكريات القريبة الحميمية، تسبب في شرخ البلورة، شعرت بجزء مني ساعتها رد الي، لا ادري هل هو شعور ام ذكري ام شعوري باكتمالي، كان ذلك للحظات ثم اختفي كل شيء، صحيح عدت كما كنت، ولكن هذا الشرخ في العزل اعطاني امل في الحياة مرة اخري كما كنت، انا لست هذا الشخص، او لست فقط هذا الشخص، جزء كبير مني مهم وحيوي ليس معي

 

-          اين تظن ان يكون؟

 

-          لا ادري قد يكون مختبئ داخلي،  قد يكون ذهب في بعد اخر، يعيش معي بالتوزاي ولكن دون اتصال حقيقي

 

-          لماذا حدث ذلك، هل تعرف السبب

 

-          هذا يحدث غالبا عندما يمر الانسان بصدمة كبيرة يفقد فيها اجزاء من نفسه، او تختفي ، ولكني لا اذكر اني مررت بتجربة كذه، هل ممكن ان يمر الانسان بصدمة كبيرة ولا يعلم، هل قد يكون اختفت ذكري الصدمة مع ما اختفي، هل كانت الصدمة اكبر من ان اعيها او اتذكرها، هل قد تكون عدة صدمات صغيرة توالت علي نفسي كونت خلالها طبقات من الزجاج الشفاف، فاصبحت ارى ولا اشعر، اعيش ولا احيا

 

-          ما الحل اذن

 

-          لا اعرف، ابحث الان عن نفسي، عن اي جزء مني، اجري وراء اي خيط من الواقع يشدني الي ذكري من ذكرياتي، افتش عن اي رائحة عطر شممتها في صباي، او اغنية كنت اسمعها لعلها تحمل عليها اثرا مني، اجمع شتاتي، لعلي استطيع ان اعود الي حدودي القديمة، حدودي الحقيقية

 

-          تعرف كلامك عن الحدود الهمني بالحل

 

-          ما هو الحل

 

-          الانتفاضة، مهما كان عدوك مهما اصابك فلن يصمد امام ارداة قوية وتصميم حقيقي، ان تنتفض بحق ، ان تمسك بيديك الحجارة فتقذفها علي الزجاج الذي يعزلك عن نفسك، ان تعود مع نفسك كطفل حجارة مرة اخري تكسر القيد وتهزم العدو، وتعود لنفسك مرة اخري، الحل لن يأتي من خارجك، لكن يكون الحل هو التعايش فسوف يضيع منك كل يوم جزء صغير، ستختفي وتنتهي بعد ايام او سنين، لا يهم...لا تهرب بل ابق مكانك دافع عن حقك في الحياة كاملا كما خلقك الله، بكل مشاعرك واحساسك وذكرياتك الغالية

 

-          صحيح من انت، نسيت ان أسألك

 

-          انا لست غريبا عنك، انا منك ولكن لا تراني

 

ثم اختفي الصوت كأنه حلم او كأتصال مر عبر الزجاج

 

2 comments:

واصطنعتك لنفسي said...

أوقن أن كل من يقرأها سيبدو له ويكأنك تحدثه عن ذاته.. من منا لم تسلب منه ذكرياته بينما يخوض الحياة؟ من منا لا يشعر أنه يعيش الحياة بجزء ضئيل بداخله يخشى عله أن ينسلب؟ من منا لا يقف خلف هذا الجدار الزجاجي يتسائل عن هويته؟ يراقب نفسه و الآخرين؟

لو عشنا الحياة بكامل ذكرياتنا وبجل طاقتنا وبكل وعينا لما تغيرت اللحظات ولم نكن لنشعر بمضي الحياة!

الحسن البصري قال يوما: "يابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك".. أي ان جزءا منا لابد وأن يمضي وان نستغرق في البحث عنه واسترداده ليس هو النجاه لكنه يبدو كشرارة حياة توقد داخلنا آخرى جديدة

نصحتني يوما ألا اغرق في أزيز عقلي حتى تبتلعني الحياة

ويوما ما.. لعله في الجنة.. لن يذهب منا شيء ولن تسلب منا الحياة ولن نعاقب بالعزل ولن نعاني الفقد.. ولكنه فقط حين تنتهي الحياة ويبدأ الخلود

سلمت أناملك :)
رغما عنك تبدو بصمتك مميزة جدا فيما تكتب

Ahmed Hashem said...

I missed reading your posts :)
its a great one as usual.