Sunday, May 16, 2010

قليل من الكرش لايضر

الكرش ذلك الاختراع العبقري الذي توصل له الانسان بعد عصور من الحرمان والنحافة
والكرش - لحد ما -هو من اروع الاشياء التي تحدث لك بعد التخرج وقليل من الانتخة
وللكرش فوائد عظيمة
اذا كنت بلا كرش ستدرك كم المعاناة التي تقابلها لكي تظبط الطقم الكلاسيك الغالي اللي انت اشتريته ولكن للاسف لم يتظبط
تحاول تقيفه فلا يتقيف
تحاول ان تفرد القميص علي محيط وسطك ، هتقالي فيه فرق جامد ، محيط القميص اطول من محيط وسيط اذن سيكون ذلك عهدا مع الكلاكيع التي ستداريها في الاجناب
والشعور الدائم الملازم لك دئما انك علي تكة ومش مظبوط ، كل شوية تظبط القميص الذي يأبي ان يستقر في مكانه علي هذا الجسد النحيل
وما يحدث مع القميص يحدث بشكل اروع من البنطلون ، فلو كنت ذا كرش فلن تعهد بنطلونك يريد السقوط ابدا
سيكون محيط البنطلون متوازي مع محيط القميص مع محيط وسطك في تناغم مهدهش رائع
سيجعلك تندم علي الوقت الطويل الذي قضيته دون ذلك الاختراع الرائع ..الكرش
ولم تنتهي فوائد الكرش عند المظهر الشيك الجميل
بل يتعدي ذلك لقوة التأثير ايضا
الناس رغم نضجها الحضاري لا تزال تقيم الانسان بقد ايه يملي العين
فلو كنت رفيعا صدقني ستأخذ وقت لكي تقنع الناس بنفسك ، اما اذا كنت ذا كرش محترم فالناس تحترمك وتقدرك وتهابك ايضا ، هذا لاول وهلة طبعا
الكرش يجعلك تتمدد في الاتجاة الافقي فتلمي عين اللي قدامك بشكل متكامل مركز
هيربط ما بين عمق شخصيتك وما بين طول كرشك
ظبطة الطقم الكلاسيك الشيك عليك مع تمددك في الاتجاة الافقي سيجعل لك مظهر طاغي مكتسح

والكرش ايضا له عدة فوائد اخري ، مثلا قد تضع عليه اللاب لكي تقرأ او تشيت
ستجد ذوي الكروش السعيدة وهو منبطح علي السرير ويضع لابه علي كرشه وطرف اللاب يكاد يصل لذقنه واصابعه تلعب عليه كأنه عازف بيانو
وتستطيع ان تحمل عليه ابنائك وتداعبهم وتحقق الابوة النادرة في هذا العصر
ايضا كرشك الذي هو الي حد ما يجعل زوجتك تتمدد براحتها ولا تتعب قلبك بالدايت والرجيم وهذا الكلام الذي لا يجيب همه
هدف اي زوجة من التخسيس هي الا يكون زوجها ارفع منها
فانت تطمئنها بأن توسع لها المساحة التي تتحرك فيها
فلتتمدد هي ايضا

ولكن نحن ندعو للكرش فقط بالقدر الذي يحقق تلك الفوائد السابق ذكرها والا يبقي خلي بالك
الكرش الكبير المبالغ فيه هيحرمك من اشياء جميلة
فلن ترتدي القميص الكتان الرائع الذي اشتريته من سنة حيث انه لن يدخل في كرشك
لن تستطيع الجري علي الشاطئ مع زوجتك وستتذكر الاعلان التلفزيوني بتاع السمنة النباتي
لن تستطيع ان تربط الحذاء بسهولة ، سيكون ذلك شاقا للغاية وتشعر كأنك تبذل مجهودا لشق خط بارليف
لن تستطيع ان تقود سيارتك بسهولة وخصوصا لو كانت صغير شوية ،هتخبط في الدركسيون و مش هتقدر ترجع الكرسي لورا كتير وخصوصا لو كان معاك حد راكب ورا في العربية
وعلي المستوي النفسي سيكون من الصعب عليك ان تري حد كرشه شيك وانت كرشك يبدو وكأنه خارج عن السيطرة
نعم يبدو بوضوح الفرق بين الكرش المروض المحصور في رينج معين وبين الكرش التي استفحل وخرج عن الاطار وخرج عن القميص وتمدد لعدة امتار امام عينيك
وعندما تتزوج وتحمل زوجتك ستجد شخص ما سخيف يقول لك هو مين اللي شايل الجنين بالظبط ؟؟
تتبقي نقطة اخيرة وهي ان الكرش الكبير سيمنعك من ان تشفط بطنك للاخر ، تشعر بوجود كتلة صلبة تحول دون ذلك
نصيحتي لك هي
قليل من الكرش لا يضر

Saturday, May 1, 2010

حدثني عن الحياة يا شيخ طلبة

كنت اقاوم الذهاب اليه
كنت أود أن أقنع نفسي أني استطيع أن افكر واحلل وأًصل لقرارت وحدي
رغم اني كنت احبه وافيد منه في كل حياتي ولكنها رغبة الانسان الابدية في الاستقلال والانفصال
ولكن ضعفت مقاومتي ليس امام عجزي عن الاستقلال بل بسبب ما يحدث حولنا في مصر وفي العالم
كان ذلك اقوي واكبر من عقلي أن يستوعبه او يهضمه بل أن يأخذ بشأنها قرارات
ذهبت اليه في بيته الجميل القديم في حي السيدة زينب الاسطوري
هذا الحي يحوي شيئا بديعا من الماضي ولا تقدر ان تصفه او تمسكه بعقلك او بأناملك
سرت في الشارع الكبير أروي نفسي بذلك العبق الساحر حتي وصلت للبيت القديم الذي لا يبدو كذلك
طرقت الباب في أدب مهموم وتراجعت للوراء كعهدي دائما لاستكمال صورة الاحترام الرائعه التي اجيد ان ارسمها
بعد قليل فتحت الباب تلك البنوته الجميلة التي هي حفيدة الشيخ والتي تختفي في كل مرة فور ان تفتح الباب
ودخلت علي الشيخ طلبة وكان يجلس جلسه الابدية والاجبارية الي حد ما ولكنه كان ما يزال كما هو
هو بكل تجاعيده وبكل بذلك البريق الرائع في عينيه
هو كالحي الذي يسكن فيه أو كبيته قديم جدا لكن فيه روح أصيلة تدوم وتعيش
انهلت عليه سلامات وقبلات وأحضان لم يحتملها جسده الواهن
قلت لك : ازيك يا شيخ طلبة ، واحشني بحجم الحياة
نظر في عيني بعينيه التي صارت باهتة قليلا رغم البريق الواضح وقال : كل دي غيبه ، بقالك كتير يا مولانا
ذكرتني كلمة مولانا بعباس العقاد فقد كان ينادي كل الناس بها فقلت : حلوة كلمة مولانا دي يا شيخ طلبة ، يعني يا شيخ طلبة مشاغل الحياة والمواصلات والاوفر تايم المجاني الذي نتصدق بيه علي اصحاب رؤس المال
ابتسم ولم يظهر علي وجهة التصديق وسألني : اخبارك ايه يابني ، احكي لي
قلت في حسرة حقيقية : تعبان يا شيخ طلبة ، محصور بين الفعل ورد الفعل ، كنت الوم الناس الذين هم رد فعل لفعل سابق ، يجب ان تكون فعل اصيل ليس له علاقة بواقع ما قد يكون خاطئ او علي صواب
يعني مثلا كان زمان زاد اهتمام الناس بالصوفية والاضرحة والموالد والبعد عن السنة ، وبصرف النظر هل كان هذا فعلا ام رد فعل ولكن نتج عنه رد فعل قوي متمثل في كل الاشخاص والجمعيات والهيئات التي تدافع عن السنة وتهاجم هؤلاء القبوريين ، طبعا هذا رائع ولكنهم لم يخرجوا عن كونهم رد فعل لفعل معين ، كان من الأحري ان يكونوا فعل كامل مكتمل عن الاسلام والمفهوم الشامل الكامل المتوزان غير المتأثر بواقع ما
وخرجت بعد ذلك أناس ينادوا بنبذ السنة والاستمساك بالقرأن اكثر او علي اقل تقدير صنع توزان بين الاثنين ووصل ذلك للسخرية من بعض السنن كاللحية والنقاب واللجلباب، فخرج اناس يطلقون علي انفسهم فرسان السنة واسود السنة يدافعون باستماته عن اللحية والنقاب بشكل كبير أُثر علي مساحات اخري في حديثهم كان عليهم أن يتناولها
والناس العاديين بين ذلك الفعل ورد الفعل
اريد فقط ان يخرج شخص ما يضع الامور في نصابها بعيدا عن قوانين نيوتن
سكت قليلا التقط انفاسي فسألني سؤال عجيب : انت جاي ليه ؟؟؟؟
اندهشت قليلا وقلت : عادي يا شيخ طلبة ، عايز اتكلم معاك شوية
ضرب المخدة التي يتكئ عليها بالمنشة وقال : محاضرتك الرائعه عن الفعل ورد الفعل لم تكن الهدف الاساسي ، فالقضية قديمة وان كانت دراستك للرياضيات أثرت عليك ، ها مالك يا مولانا
قلت له وقد فقدت كل مقاومتي : متلخبط يا مولانا ، تهت في التفاصيل ولوقت ما مبقتش عارف ايه الصح وايه الغلط ومين رايح فين
في هذا الوقت كنت تلمتع في عيني دموع طال احتباسها ولكن ظللت امنعها
قال الشيخ طلبة : يا ولدي لا يصح ان تغوص في الاعماق وتقطع عنك الاتصال بالسفينة ،كده ستضيع
يجب ان تتأكد دوما من ثوابتك وافكارك وانت تعود ايها باستمرار للتأكيد عليها ، لا ان تغوص في مشاكل المجتمع حتي تتوه ولا تعرف اين الصح واين الخطأ
عندما تدخل كهف به عدة ممرات فكي لا تتوه يجب ان يكون معك طابشور تعلم بيه مسارك لكي تستيطع العودة مرة اخري والا حكم عليك بالتوهان للابد او حتي لفترة قد تخسر فيها الكثير
وعندما تريد ان تنقذ حد يغرق والبحر به جذر شديد يسحب الناس كلهم سيكون من الغباء ان تقفز اليه بمفردك
يجب ان يقوم كل من علي الشاطئ بعمل سلسلة بشرية طويلة حتي تمسك بيد ذك الاخ الذي يغرق حتي لا تغرق معه
تمتمت قائلا بخفوت : فهمت يا شيخ طلبة ، فهمت جدا ، اصلي كنت ذلك الغبي في يوم من الايام حين قررت ان انقذ شخص ما من الغرق في بحر الهانوفيل ووجدت البحر يجذبني بعيدا داخله وكدت أغرق لولا رحمة الله
هش الشيخ طلبة بالمنشة المقدسة حشرات وهمية تطير في الجو وقال : لم تعجبني تدوينتك الاخيرة
قلت : انهي يا شيخ طلبة، المكان الافضل؟؟
قال : لا دي لسه لم اقرها بتكلم عن اتوبيس كومبليه
هذه التدوينة هي مثال واضح لما اقوله لك
معظم الاسئلة التي طرحتها لها اجابات ومحسومة ايضا بالنسبة لك ، لكنك استغرقت كثيرا في ذلك الواقع الذي اتفق معك انه مؤلم ولونه يميل الي السواد
استغرقت فيه دون ان تراجع دوما علي مبادئك او اصولك
كنت مصدوما وانا استمع هذا الكلام رغم توقعه وقلت : ازاي يا شيخ طلبة محسوم ، ازاي بالبساطة دي تقول علي كل القضايا دي انها واضحه وسهل تاخد فيها قرار
قال لي بحنان : بص يابني ، تعرف اين المشكلة ، المشكلة هي حجم الاختلاف بين الناس علي هذه القضايا وليس عندك انت ولكن مع تعايشك القوي بين الناس انتقل لك هذا التباين في القناعات ودخلك في صراع ولخبطة رغم انها محسومة بالنسبة لك ، دي ضعف ثقة بالذات يا بني
يعني مثلا سؤالك عن هل البرادعي انسان كويس ولا بيعمل تبعا لاجندة امريكية او غربية مجهولة
اجابته بسيطة جدا البرادعي لم يرشح نفسه بعد ولم يتقدم باي برنامج انتخابي كل الذي قام به ان دعا لتغيير عدة مواد بالدستور لكي يتمكن اي حد من ترشيح نفسه ، هو لم يطلب منك ان توافق او تقيم شخصه الان بل ان تتفق مع هذه المطالب التي لا يختلف عليها أحد
وحين تتغير هذه المواد ويتقدم البرادعي بترشيح نفسه وسط مجموعة مرشحين ابقي اختار ساعتها المناسب من وجهة نظرك
نحن دوما سجناء فكرة الشخص الواحد ، احنا مش عايزين نستبدل شخص بشخص ، عايزين نستبدل وضع كامل خاطئ بوضع اخر صحي طبيعي زي بقية الخلق
وحين تكلمت عن حماس ، فأنت مع خيار المقاومة مثل اي شريف وحر ومؤمن يري ما يفعله هؤلاء الاسود في مواجهة العالم بأسره حتي اخوانهم في الدين والعروبة
ومن المنطقي ان يكون لهم اخطأء لو اخطؤا ، هؤلاء بشر ويغفر لهم حسن نيتهم وصدقها التي ظهرت للعالم اجمع في حربهم الاخيرة وصمودهم امام الالة العسكرية الضخمة الاسرائيلية
وتبقي اخر نقطة مهمه انت تحدثت عنها ألا وهي هل الفارق بين الشيخ ابو اسحاق الحويني ومصطفي حسني كبير جدا ولا ينفع يتحطوا الاتنين في كدر واحد في تصالح
ودي نبقي نتكلم فيها المرة الجاية علشان وقتك خلص
قلت له كالملسوع : لا ياشيخ طلبة ، بجد الموضوع ده محيرني جدا وخصوصا بعد الحلقة اللي قدمها مصطفي حسني عن خدعوك فقالوا دي بدعة
كان الشيخ قد حسم امره وكان علي الانصراف
وحين هممت بالخروج قال لي : علي فين استني لما يجيي الواجب
شعرت بأني مبلول : واجب ايه يا شيخ طلبة ، كتر خير ملهوش لازمه ، انا همشي بقي علشان انا طولت
نادي الشيخ طلبة مثل كل مرة حزينة علي البنوته العفريته ان تحضر كوب الدوم الضخم المشبر علي تلك الصينية الصدئة
منقوع الدوم الكريه رغم كرهي له الا انه وبعد مرور الزمن صار هناك رابط عصبي بين مذاق المعرفة وطعم الدوم الكريه