Thursday, September 27, 2007

العقل قد يخسر أحيانا

في صمت خلع عباءته وارتمي علي المقعد المجاور له ودفن وجهه بين كفيه وظل يبكي .. شعر كأنه يبكي نفسه دموعا ..يبكي أحشاءه .. كان كلما تذكر ما حدث إلتهبت روحه وصارت تقذف بدموع ساخنة تغرق وجهه تماما

كان ما حدث أعظم من أن يمر عليه بسهولة ..اليوم إنهار جزء منه .. إنكسرت فيه معاني جميله ..ضاعت منه أجزاء من نفسه فما بال الايام القادمة كيف تأتي؟!!!!!!

صارت ذكرى قاتمة تركب فوق ظهر الماضي فكيف يتذكره بعد الان

صارت حياته مضطربة يتلاعب بها الموج العنيف

ماذا حدث ؟!!

لا احد يدري

سأل نفسه مرة أخري ما الذي حدث ؟ لما أنا حزين ؟!!

ولما لم يجد ردا قرر أن يضحك

نعم يضحك

شيء عجيب ولكن مادام لا يذكر مادام لا يعرف فلماذا يبكي لماذا لا يضحك؟!!!!

بدأ يحرك عضلات وجهه المنقبضة

تحرحكت بصعوبة حتي إنبسط وجهه

ثم ابتسم

وتذكر حاله وما أل اليه فبدأ يضحك ثم صار يقهقه بصوت عالي

إرتمى علي الارض من شدة الضحك

كان يضرب الأرض بيده ويضرب على فخذيه

لم يتصور أنه قد يضحك هكذا بعد أعوام الحزن وسنين الألم ولكنه الأن يضحك

صحيح أنه يضحك ولم يعد وحده ،لقد وجد نفسه في مكان غريب فيه اناس يرتدون مثله ويضحكون مثله

صارت الحياة جميلة بماضيها وحاضرها وما سوف يأتي

صحيح أنها صارت كذلك ولكن العقل قد يخسر أحيانا

Wednesday, September 19, 2007

القربة المثقوبة

وهو في طريقه الي حيث تلتقي شلته كان يتذكر كلام والده : أعتقد انه يتعين عليك أن تبحث عن مكان تبيت فيه الليلة اذا اردت أن تتأخر عن الساعة الثانية عشرة , هل تفهمني؟؟
فرد عليه ساعتها وهو يبلع ريقه بصعوبة : نعم يا أبي أفهمك ولكن .......
قاطعه أبوه في خشونة : لا يوجد لكن , حتي لأني لاتعجب من انك تستخدمها وانا لم اربيك عليها , وهي حتي لا توجد في قاموسي , أري أن هناك من يلعب برأسك الصغير.
ولم يرد أن يطول الحديث فعجل بالأنصراف كي يلحق بأصدقائه
وفور وصوله لشقة صديقه التي يلتقون فيها فتح له صديقه وفي يده سيجارة غريبة الشكل وغير منتظمة وقال وهو يتأمله : هل أخذت الاذن من والدك يا حماده أم قررت أن تكبر وتخرج دون علمه ؟
قال له والضيق يعلو وجهه : والله أنت لا تنقصني يكفي والدي وما يفعله معي , هل هذه السيجارة مظبوطة كما أريد
قهقه صديقه وقال: تفضل أولا , كل شيء علي ما يرام
ودخل الشقة , كانت واسعة وتنم عن ثراء بالغ وان كان ذوقها لم يكن مقصودا عند شراء هذا الاثاث , وفي الداخل وجد كل أصدقائه بالداخل يجلسون علي الارض وأمامهم علي المنضدة زجاجات خمر فارغة وأحدهم يمسك بيده نرجيلة يسحب منها أنفاسا ثم يطلقها في سماء الغرفة حيث حجب الدخان الكثيف ضوء المصباح
كانوا خمسة وكانوا يتابعوا بكل تركيز فيلم فيديو خليع , لم يسلم عليهم وانما قال: صحيح أنكم خونة وانذال.
لم يلتفت اليه احد وقال احدهم : لو تتصور أننا سننتظر كل مرة أن تأخذ الاذن من ابيك فأنت مخطئ. ثم انفجروا كلهم ضاحكين مما جعله يطلق عليهم سبة بذيئة وعلي والده ايضا مما جعلهم يزدادوا في الضحك
ومر الوقت مسرعا أو هكذا شعر به واقترب العقرب الملسوع من الساعة الثانية عشرة , وعندما نظر لساعته وجدها قد تجاوزت الثانية عشرة فأطلق صيحة فرع وقال: يا خبر أسود!!!
انتبهو اليه جميعا وقال احدهم في قلق : ماذا حدث؟
قال :لقد مر الوقت وفاتت الساعة الثانية عشرة
قال احدهم ساخرا :أه يا سيندريلا المسكينة
قال لهم: أنتم لا تفهمون شيئا لسوف أبيت عند أحدكم اذا لم ارجع قبل الثانية عشرة , ماذا سأفعل؟؟
قالوا وقد شعروا بالمشكلة : وما العمل؟
قال احدهم: ياالهي هل تعلمون تاريخ اليوم؟
نظر واحد منهم لساعته وقال : 27/9 الجمعة صباحا
فقال لهم : اليوم تتغير الساعة , سننتقل من التوقيت الصيفي للتوقيت الشتوي
فأنهار علي الكرسي وقال: يالامصيبة زادت ساعة , ضاعت اي فرصة
فرد عليه الاول: كلا يا جاهل بل ستقل ساعة , الساعة الان حسب التوقيت الجديد الحادية عشرة ونصف, أمامك الان نصف ساعة وتبيت في الشارع هيا اسرع
وإنطلق كالملسوع يجري
وفي اعماقة تجمعت ضحكة كبيرة ساخرة
لقد فعل ما يريد وها هو يعود قبل الميعاد الموعود
تتعاظم داخله الضحكات من والده المسكين الذي ظن أنه يتحكم فيه ويتملكه
كم سيكون شعور والده المسكين عندما يعلم أن ابنه هذا يشرب الخمر ويتعاطي مخدرا ويشاهد أفلام قذرة
وهنا خرجت ضحكته رغما عنه يتردد صداها في الشارع الذي يجري فيه
وانحرف يمينا في سرعة ليجد امامه هرة صغيرة تجري هي الاخري حاول أن يتفاداها فالتوت كاحله فسقط وهو يصرخ من الالم
نظر الي قدمه المصابة التي اعجزته عن الحركة ثم نظر لعقرب الساعة الذي لم يكف عن الحركة وأوشك أن يصل لنهايته
ظن الفتي أنه كان ينتقم من ابيه لما كان يفعله معه في قسوة شديدة ونسى نفسه في دوامة الانتقام
لم يعلم الفتي أنه من يحمل قربة مخرومة حتما ستخر علي رأسه

Saturday, September 8, 2007

كيف هذا يا حكيم ؟؟



وقع في يدي منذ أيام كتاب حديث مع الكوكب للكاتب الكبير توفيق الحكيم

وبالطبع كان الحوار الذي دار بينه وبين كوكب الارض رائعا

لا أنكر أنني إستمتعت به وشدني جزالته وتسلسله الذي يشعرك أنك تقود سيارة في طريق

املس بلا مطبات

ولكن كان لي وقفة مع بعض ما قد دار في هذا الحوار الجميل

ولكن من انا كي انقد اديب بحجم توفيق الحكيم

وانا مقتنع تاما اذا اردت ان تنقد شخصا في فكره او شخصه او ادبه يجب ان تكون بحجمه

ولكن ما شجعني علي ذلك- الا وهو نقد بعض ما ذكره الحكيم علي لسان الكوكب- امرين

الاول انني لم اجد احد علي ما اذكر قد قام بمناقشة تلك الاعمال فشعرت انه واجب علي

حتي وان لم اكن في حجم الحكيم

ثانيا ان الحكيم نفسه قد قال في بداية كتابه انه ليس المقصود به اقرار حقائق جديده انما هي مناقشات للبديهيات ومحاوله لتحريك الفكر لا شحن الراس ولا الاقناع برأي وقال انه يجب ان نفحص ونمحص كل ما استقر في وجداننا من مسلمات تمهيد لاقرار العقلية العلميه

ولذلك ادعوكم بعد الاستعانه بالله لنسأل الحكيم كيف قال ذلك؟.

اشد ما كان يحيرني في كتابات وادبيات ذلك الزمن هو حالة الفصام الغريبة التي يعاني منها معظم الكتاب فهو مسلم ويقول انه مسلم بد وقد يكتب بعض القصص الدينية ولكن تجده في نفس الوقت يطرح افكارا ونظريات تصطدم اصطداما مريعا مع مبادئ صريحه في ديننا او هي ما يقال عنها معلوم من الدين بالضرورة

واكثر النظريات التي اثرت في هذه الحقبه هي نظرية داروين الساذجة نظرية النشوء والارتقاء ولم يكن هدفها كما اعتقد مجرد البحث العلمي فقط وانما كان الهدف الوصول لمفهوم الطبيعه الخالقه وهو انه لا يوجد اله حيث لا يحتاج الامر الي اله

وهذا ما يخالف العقيدة الاسلاميه مخالفة صريحة

وحتي نظرية داروين اثبت فشلها والقيت في صندوق القمامة ولكن لا يزال في وطننا الاسلامي من يعتقد بها وتسيطر علي ادبايته وافكاره عن الحياة

ولكن الادباء في القرن الماضي قد فتنوا بالغرب بشكل شنيع واخترقت افكاره ونظرياته عقول مفكرينا فأصبحو يرتدون رابطة العنق علي الجلباب في منظر يدعو للضحك ولكن احد منهم علي مكانته لم يكن يضحك وحتي المثقفين رأوا انها لم تكن تضحك بل رأوها تنوير ورقي وتحضر

وانا رايي هو اما ان يرضوا بالجلباب ويرفضوا ما يخالفها واما ان يخلعوها بالكلية ويرتدوا ما يشاؤون ولكن هذه اللخبطه وهذا الفصام وهذا الكوكتيل المقرف لايبني عليه حضارة او ينشأ عليه اجيال سويه متصالحه مع نفسها ترتكن لافكار سليمة متجانسة

وحين قرأت للحكيم حديث مع الكوكب كادت الدهشة ان تنتزعني من ماكني كيف يكتب مثل هذه الافكار وهو من هو توفيق الحكيم الاديب المسلم الذي امتعنا بأدبياته الدينية

وكان اولا شيء صدمني هو حديثه عن العقل الانساني ونعمة التفكير

حيث قال: ان الانسان ضعيف جدا بالقياس الي غيره من الحيوانات وعندما اراد ان يعتمد علي اعضائه كغيره من الحيوانات للحصول علي غذائه لم تسعفه هذه الاعضاء القاصرة فهدته ضرؤورة الحياة الي البحث عن بديل لاعضاءه الضعيفه ففكر في استخدام ناب ومخلب من قطع الرخام والاحجار.. وكان هذا مبدأ اكتشاف قدرة جديدة عند هذا الحيوان الاعزل , قدرة التفكير الخلاق وبهذا الاكتشاف الخطير اخدت تنمو في مخه خلايا معينة نموا مطردا حتي اصبحت شبه عضلة جديدة يمكن تسميتها عضلة التفكير.

وفي موضوع اخر يقول:ان التفكير الخلاق هو شيء انساني بحت خلايا نمت في مخ الانسان في ظروف خاصة به , حتي يستطيع ان يعيش .. قوة الحياة تدفع كل كائن الي ايجاد وسيلته الضرورية للحياة .

ولاادري كيف يقول الحكيم شيء كهذا ؟!! كيف يقول ان الانسان حيوان وكيف يقول ان قوة الحياة هي التي تدفع وتصنع وتخلق وكيف يقول ان الانسان خلق بلا عقل يفكر ولكن ضرورة الحياة هدته الي ذلك

وحين قال للكوكب : لقد كنت اظن التفكير هونعمة الانسان الكبري. قال الكوكب: الحياة لا تعرف النعمة او النقمة هذه الفاظ انسانية ..ان الحياة لاتعرف غير ضرورة الحياة ان التفكير الخلاق قد خلق - بفتح الخاء- فيما خلق لغات وتصورات .. ذلك تصوركم ان كل شيء علي الارض قد وجد من اجلكم.

كيف هذا يا حكيم يرحمك الله كيف تقول ذلك؟!! ومن اين اتي هذا الانسان الذي تسميه حيوانا يا حكيم؟؟ ومن خلقه ومن هيأ له العيش في الدنيا؟؟ اتراها الطبيعة؟؟؟ فلما لاتعلن الطبيعة عن نفسها وترسل لنا الرسل كي نؤمن بها !!!!!!

ولكن كل ما سبق قد نحمله علي معاني اخري وان هذه هي سنة الله في خلقه وان الله قد اوجد في الانسان اسلحة التفكير الي حين ان يكتشفها ولكن مالا قد لا اجد له اي تفسير هو حديث الكوكب عن الدين وانه هو والفنون والعلم اكتشافات انسانية وكلها منتجات من الفكر الذي نما فجأة وتكون لحاجة الانسان الضرورية

وفي حواره مع الكوكب يقول له عن الفكر الانساني: ولكني اليوم ادرك به الاسمي والاعظم .. ادرك به الله

فيرد عليه الكوكب قائلا:نعم ..الدين.. ايضا شيء انساني , اي كائن حي غير الانسان لا يمكن ان يدرك شيء اسمه الدين فالانسان الذي مارس الخلق فهم ان كل شيء لا بد له من خالق وهذا الفهم اراح عقله القلق المتسائل عن اصل وجوده لان حركة العقل الانساني لابد ان تدور في مساحة لها بداية ونهاية .

وانا اسأل الحكيم اليس ما تقوله صحيحا وانه يجب ان يكون هناك خالق لهذا الوجود ام انها مجرد قصة تلهي العقل البشري كي يكف عن اسألته البلهاء؟؟ ايعني ذلك انها غير حقيقة وان الحقيقة غير ذلك

هل نفعل مع العقل البشري كما نفعل مع طفلة صغيرة مات ابوها وعندما تسألنا نخبرها بأن ابوها قد سافر حتي يرتاح عقلها

ما معني هذا؟ هل يريد الحكيم ان يقول ذلك؟ ثم من هم الرسل اذن والانبياء؟ هل هم نتاج عقلنا البشري افرزهم ثم جعل منهم الوصلة المنطقية التي تتصل بالقصة التي حاكها كي يكف عنه قلقه وحيرته!!

علامات تسأل لو ذهبنا معها نتقصي عنها لوجدنا انفسنا امام دين اخر, مذهب اخر , فكر اخر لا اعتقد انه يتقارب مع فكرنا الاسلامي او عقيدتنا ابدا

والسؤال هل كان الحكيم يقصد كل هذا بكل معانيه

هل نعذره وهل بكل هذا الحجم في ما فعل

ام هل للابداع قوانين اخري

هل نستمتع بإغنية ولكنها في كلماتها سباب لنا

لاادري ولكني لا انكر اني استمتعت بما كتب الحكيم عن التفكير وكيف انه اساس الحضارات وان توقف اوتجمد تنهار الحضارة لتقوم حضارة اخري تبتلعها

وايضا حديثه عن معني الحقيقة والقوة بأنواعها واي منها نحتاجه في هذه المرحلة التي نحياها

لا انكر ذلك ولكني لم افهم كيف قال الحكيم هذا!!!!!!

Saturday, September 1, 2007

لمحة حياة


حينما يحيا المرء في تلك الدنيا تتنازعه عدة قوي متصارعه وهو واقع تحت قوي الجذب دائما قوي تشده وقوي ترفعه وعند ضعفه قوي تهبط به نحو القاع الي السفح
والله الخالق العظيم هيئ الانسان للسير في كل الاتجاهات وامده بكل القوي التي تؤهله لولوج كل الطرق وعلي الانسان ان يختار وبيده ان يختار اما ان يحلق في سماء الحياة في رحاب النور والرضى ويسبح في ضياء ندي لطيف فتخف روحه وتصفي وترق حتي تصير كطائر مل الحياة علي الارض فصار يجوب الفضاء ويطوف بكل محطات النور والجمال
واما ان يهبط ويمنح الفرصة لقوي الطين ويزيد من مساحة ذلة امام الشياطين فيقوده هابطا في عنف الي قاع الشعور والاحساس فيطفيء النور ويخبو الضياء وتغدو الحياة مستنقعا اسنا ما يحاول ان يغادره حتي يرد فيه بقسوة تشده حبال الشيطان
ان الانسان بيده ان يستشرف عالم وضيء نقي تسبح فيه مشاعر من نور واحاسيس من ضياء وبيده ان ينتكس ويرتكس في هاوية الشيطان يستحي مشاعره وادميته ويجره خلفه الي كل مواطن الفتن والهلاك منذ بدأت عداوة ابليس للانسان وهو يفكر ويدبر وينتهز السانح من الفرص لاقتناص الانسان والنيل منه ويتسلل ابليس حتي يمكن له داخل انسان اولا الي قلبه يفسد كل ما هو راقي وكل ما سما ويسمو ويعكس الاتجاه فيهبط الصاروخ في البحر بدلا من التحليق في الفضاء وعندئذ عندما تأسن المشاعر وتتبدل الاذواق فيغدو المالح كالشهد والحلو كالعلقم لحظتها يبدأ ابليس في المرحلة التالية فيسخر العقل لخدمة رغباته واهوائه ونذواته وامراضه الجديدة ويجعله سلاحا يجابه به المجتمع الانساني والعقل في انسياقه يرفض اي نصح او ارشاد
انت انسان بيدك ان تكثر من القوي التي تشدك لاعلي حيث النور والجمال او ان تهمل نفسك فلا تتعهدها بالرعاية فحتي لو لم تسعي للدون فثق انك ستهبط حتما ان لم يكن من ابليس المتربص فمن نفسك
ان مقدار الحياة فينا هو مقدار النور الذي ينفذ من زجاج المصباح والامر يتوقف علي جذوة الحياة وشفافية الزجاج
هل اهتممت بروحك حتي –علي الاقل- تعبر الحد الادني الذي قبله لا يصبح الانسان انسانا
والناس علي قسمين اما روح متأججة نشطة يحيط بها جسد رقيق تقل به كثافة الطين واما كهالة من ضوء تخنقها الظلمة وتوجد بين الواح من طين معتمة فلا هو انتفع بنوره ولا نوره ارشد احد
وبقية الناس بين هذين الصنفين
وليس معني ان يرق ويسمو الانسان ان يغدر انسانيته لا فانما يصل لارقي ما في الانسانية وهو لم يزل انسان ييأكل ويشرب ويتزوج ويمرح
ولكي نفهم اثر ذلك المعني ونستشرفه في وجداننا فلنقرأ هذه الاية في ضوء ما قد سبق يقول الله تعالي "أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"
أرأيتم أن اهمال الروح لا يسلب الانسان انسانيته فحسب بل يسلب منه معني الحياة ويغدو من الاموات وعليه ان يختار اما ان يحي واما ان يظل ميتا بلا نور ولاحياة
والمثير في قوله تعالي " يمشي به في الناس" ليس بينهم او وسطهم انما فيهم يتخللهم ويخترقهم ينفذ من بين عقولهم وافكارهم وحنايا نفوسهم
انما الؤمن الحي الذي معه نور من الله انما صار كطاقة من نور صافية تنتقل في اجواز الحياة وارجاء النفوس وهذا هو معني الحياة هو النور النقي هو الصفاء والسمو هو ان تصبح كالملاك وانت انسان كما انت وهذه معجزة الله وصنعته ولذا كرمه علي الملائكة وجعلهم يسجدون له
ونكرر ايضا ان بيدك ان تختار اما حياة واما ممات واما الي جنة واما الي نار
ياه كم من اموات يعيش بيننا وهم مساكين ..حزين انا عليهم.. يحتاجون من يشعل جذوة ارواحهم الدفينة تحت اطنان من الركام والرماد
ان الذي قدر له ان يحرق في جنهم –والعياذ بالله- لن تكون اول نار يعاينها او يحرق بها انما عذب وتلظي في نار غربيه عن نفسه وعن انسانيته وعن الحياة نعم يعاني غربة الموت بين الاحياء وغربة البعد عن الله وكلا منها نار تلتهم كيانة في صمت وهدوء والعجيب ان انينه لا يخرج كأهات وأنات وانما ضحكات ومزاح ومرح لا ينتهي وكاينه في الداخل يتهالك ويتهاوي فوق بعضه وهو يضحك ويشرب الخمر ويرقص وهو يحترق وسعير ينهش احشاؤه ان الله لا يظلم العبد حين يدخله انما هو رضاها واستحلاها في الدنيا لم يجد ضير في ان يحيا في نار الحقد ونار الغيره ونار المعاصي والذنوب ونار البعد عن الله كلها نار يعيش فيها فالذي يحدث ان تجمع هذه النار في الاخرة لتكون موطنه الذي اعتاد عليه الا اذا اراد الخروج واراد ان يطفيء الجحيم المستعر داخله وحوله واراد ان يحيا في واحة الايمان الورافه وفي ظل عقيدة سليمة تهبه الحياة والراحة والهدوء والنور

وداعا

لم يتمالك نفسه فهوي علي ركبتيه باكيا وامسك بكف ابيه هاتفا : ابي ارجوك لا تموت
ابتسم الاب في وهن وضعف شديدين وغمغم في خفوت:لكل اجل كتاب يا بني وليس لاحد سلطان عليه الا الله
قال الابن في انهيار : لا يا ابي ارجوك لست ادري ما معني ان تموت
.ليس اصدق انني لن اراك بعد الان لا ياابي ارجوك
ربت الاب علي كتف ابنه وقال: يا بني الموت مصير كل بشري كن مؤمنا بالله ان كنت تحبني فادعو لي فاني احسبك عند الله الولد الصالح
كفكف الابن دموعه وقال: لا تنساني يا ابتي حتي نلتقي مرة اخري فحياتنا ليست عبثا نلتقي بعض الوقت ثم نضيع في الفراغ
تمتم الاب في صعوبة : اني اشعر بأن اجلي قد حان واداعا يا ابني سارحل الان الي حيث لم يرجع احد سأترك دنيا مكثت فيها بعض الوقت وو الله انها لوهم سبعون عاما كأنهم يوم واحد او اقل
كان الابن في حالة ذهول صامت وهو يري اباه يردد الشهادة ثم فاضت روحه وهويبتسم